للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَنْفِيَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ قَبْلَ الْحَمْلِ. فَأَمَّا إذَا قَالَ: لَمْ تَلِدِيهِ. وَلَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ مُصَدَّقَةٌ فِي الْوِلَادَةِ حِينَ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِالْوَطْءِ، لِأَنَّ وَلَدَهُ فِي بَطْنِهَا. فَلَمَّا قَالَتْ: هُوَ هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ كَانَ وَلَدَهُ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ قَبْلَ الْحَمْلِ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ امْرَأَةً نَظَرَتْ إلَى رَجُلٍ فَقَالَتْ: هَذَا يَا ابْنِي - وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهَا - فَقَالَ: صَدَقَتْ هِيَ أُمِّي. أَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي لَا أَرَى أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ هَهُنَا أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ. وَهَذَا خِلَافُ مَسْأَلَتِك الْأُولَى، لِأَنَّ مَسْأَلَتَك الْأُولَى، هُنَاكَ أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ وَوَطْءٌ يَثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ، هَهُنَا لَيْسَ أَبٌ وَإِنَّمَا يَدَّعِي وَلَدًا بِغَيْرِ أَبٍ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا.

[قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ]

فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ - وَوَالِدُهُ لَيْسَ بِأَقْطَعَ - أَيُحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ أَقْطَعُ ضُرِبَ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ فِي آبَائِهِ أَقْطَعُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْحَجَّامِ أَوْ يَا ابْنَ الْخَيَّاطِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ ضُرِبَ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ آبَائِهِ أَحَدٌ عَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَوَالِي رَأَيْتُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرَادَ بِهِ قَطْعَ نَسَبِهِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ. قُلْت لِمَ فَرَّقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْعَرَبِ. وَالْمَوَالِي قَالَ: لِأَنَّهَا مِنْ أَعْمَالِ الْمَوَالِي. قُلْت: فَإِنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدَّ عِنْدَ مَالِكٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ مَوْلًى إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ أَسْوَدُ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْمُقْعَدِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَعْمَى؟ قَالَ: هَذَا وَقَوْلُهُ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ سَوَاءٌ.

قَالَ: وَسَمِعْت مَالِكًا، وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الْمُطَوَّقِ، يَعْنِي الرَّايَةَ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْعُنُقِ؟

قَالَ مَالِكٌ: مِمَّنْ هُوَ؟ قَالُوا: مِنْ الْمَوَالِي - فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ الْحَدَّ - وَكَأَنِّي رَأَيْتُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَرَى أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ لَضَرَبَهُ الْحَدَّ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّهُ مِنْ الْمَوَالِي قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَسَكَتَ عَنْ الْعَرَبِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْأَحْمَرِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَزْرَقِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَصْهَبِ أَوْ يَا ابْنَ الْآدَمِ - وَلَيْسَ أَبُوهُ كَذَلِكَ - قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ أَحَدٌ كَذَلِكَ ضُرِبَ الْحَدَّ.

[فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَبْيَضَ يَا أَسْوَدُ أَوْ يَا أَعْوَرُ وَهُوَ صَحِيحٌ]

ٌ قُلْت: أَرَأَيْت رَجُلًا نَظَرَ إلَى رَجُلٍ أَبْيَضَ فَقَالَ لَهُ: يَا حَبَشِيُّ؟ قُلْت: إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ ضُرِبَ الْحَدَّ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْحَبَشَةَ جِنْسٌ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَوَالِي قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>