للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَرَجَمَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ]

فِيمَنْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَرَجَمَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ وَالْمَقْذُوفُ يَمْكُثُ بَعْدَ مَا قُذِفَ ثُمَّ يَمُوتُ هَلْ لِوَرَثَتِهِ الْقِيَامُ بِذَلِكَ وَالْفِرْيَةُ عَلَى الْمَرْجُومِ وَالْمَحْدُودِ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَرَجَمَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يُحَدُّوا وَيَضْمَنُوا دِيَتَهُ فِي أَمْوَالِهِمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَذَفَ رَجُلًا، فَخَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي فِي الْقَذْفِ فَأَرَادَ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْقَذْفِ، فَمَاتَ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ أَنْ يُوقِعَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، أَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا بِالْحَدِّ وَيُوقِعُوا الْبَيِّنَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ لَهُمْ إذَا قَامُوا أَوْ أَثْبَتُوا الْقَذْفَ، أُقِيمَ لَهُمْ الْحَدُّ عَلَيْهِ.

قُلْت: فَإِنْ قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا فَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ الْعَفْوَ، فَتَرَكَهُ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ مَاتَ الْمَقْذُوفُ، فَقَامَ وَرَثَتُهُ يَطْلُبُونَ قَذْفَهُ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى مَا لَمْ يَتَطَاوَلْ ذَلِكَ وَيَرَى أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ تَرَكَهُ، فَأَرَى ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ. أَمَّا إذَا تَطَاوَلَ ذَلِكَ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ تَارِكًا لِذَلِكَ، فَلَا أَرَى لِوَرَثَتِهِ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا يُشْبِهُ قِيَامُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ قِيَامُ الْمَقْذُوفِ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ تَارِكًا لِذَلِكَ وَلَا كَانَ وُقُوفُهُ إلَّا عَلَى أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ إنْ بَدَا لَهُ، فَأَرَى إنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ لَمْ أَرَ لِوَرَثَتِهِ فِيهِ دَعْوَى، وَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ بِهِ إلَّا مَا كَانَ قَرِيبًا مِمَّا لَا يَتَبَيَّنُ مِنْ الْمَقْذُوفِ تَرْكٌ لِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَرَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.

قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْت مَالِكًا، وَسَأَلَهُ قَوْمٌ وَأَنَا عِنْدَهُ قَاعِدٌ عَنْ رَجُلٍ قُتِلَ وَلَهُ أُمٌّ وَعَصَبَةٌ فَمَاتَتْ الْأُمُّ. فَقَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنَّ وَرَثَةَ الْأُمِّ إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا، وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَصَبَةِ أَنْ يَعْفُوا دُونَ أَمْرِهِمْ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً. فَجَعَلَهُمْ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ مَكَانَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا.

[فِي قَاذِفِ الْمَحْدُودِ وَمَنْ زَنَى بَعْضُ جَدَّاتِهِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ مَرْجُومٍ فِي الزِّنَا أَوْ مَحْدُودٍ فِي الزِّنَا، أَيُحَدُّ حَدَّ الْفِرْيَةِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قَذَفَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ. وَفِي أُمَّهَاتِهِ مَنْ جَدَّاتِهِ مَنْ قِبَلِ أُمِّهِ امْرَأَةٌ قَدْ زَنَتْ. فَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْت جَدَّتَك تِلْكَ الَّتِي قَدْ زَنَتْ. قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ أَمْرًا مَعْرُوفًا أُحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ غَيْرَهَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ. قُلْت: فَهَلْ يُنَكَّلُ فِي قَذْفِهِ هَؤُلَاءِ الزُّنَاةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ إذَا آذَى مُسْلِمًا نُكِّلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>