للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي الرَّجُلِ يَغْتَصِبُ امْرَأَةً أَوْ يَزْنِي بِمَجْنُونَةٍ أَوْ نَائِمَةٍ]

ٍ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ امْرَأَةً أَوْ زَنَى بِصَبِيَّةٍ مِثْلُهَا يُجَامَعُ أَوْ زَنَى بِمَجْنُونَةٍ أَوْ أَتَى نَائِمَةً، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالصَّدَاقُ جَمِيعًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْغَصْبِ: إنَّ الْحَدَّ وَالصَّدَاقَ يَجْتَمِعَانِ عَلَى الرَّجُلِ. فَأَرَى الْمَجْنُونَةَ الَّتِي لَا تَعْقِلُ. وَالنَّائِمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمُغْتَصَبَةِ. وَقَدْ قَالَ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْحَدِّ وَالْغُرْمِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَرَبِيعَةُ وَعَطَاءٌ وَقَالَ عَطَاءٌ: إنْ كَانَ عَبْدًا فَفِي رَقَبَتِهِ.

وَقَالَ رَبِيعَةُ فِي النَّائِمَةِ: إنَّ عَلَى مَنْ أَصَابَهَا الْحَدَّ.

قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَرْتَهِنُ الْجَارِيَةَ فَيَطَؤُهَا وَيَقُولُ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ وَطِئَ جَارِيَةً هِيَ عِنْدَهُ رَهْنٌ إنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُعْذَرُ فِي هَذَا أَحَدٌ ادَّعَى الْجَهَالَةَ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: حَدِيثُ الَّتِي قَالَتْ زَنَيْتُ بِمَرْعُوشٍ بِدِرْهَمَيْنِ إنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ وَلَا يُعْذَرُ الْعَجَمُ بِالْجَهَالَةِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْجَلْدِ فِي الْحَدِّ، هَلْ يُجْلَدُ فِي الْأَعْضَاءِ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت بِذَلِكَ. قَالَ: وَمَا أَدْرَكْت أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَعْرِفُهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُضْرَبُ إلَّا فِي الظَّهْرِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يُجَرَّدُ الرَّجُلُ فِي الْحَدِّ وَالنَّكَالِ وَيُقْعَدُ وَلَا يُقَامُ وَلَا يُمَدُّ، وَتُجْلَدُ الْمَرْأَةُ وَلَا تُجَرَّدُ وَتُقْعَدُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يَجْعَلُ قُفَّةً تُجْعَلُ فِيهَا الْمَرْأَةُ، فَرَأَيْت مَالِكًا يُعْجِبُهُ ذَلِكَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَقَدْ كَانَتْ هَهُنَا امْرَأَةٌ حَدَثَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى ظَهْرِهَا قَطِيفَةً أَوْ لِبْدًا.

قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: أَتَرَى أَنْ يُنْزَعَ مِثْلُ هَذَا؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا رَأَيْته يَرَى أَنْ يُتْرَكَ عَلَيْهَا ثَوْبُهَا وَمَا لَا يَقِيهَا مِنْ الثِّيَابِ، فَأَمَّا مَا يَمْنَعُ الضَّرْبَ مِنْهَا فَلَا يُتْرَكُ

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَى حُرَّةً. فَوَطِئَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى حُرَّةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَطِئَهَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا.

[فِي الشُّهُودِ فِي الزِّنَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْمَوَاضِعِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت أَرْبَعَةً شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا، فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا، وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدُوا عَلَى الزِّنَا فَاخْتَلَفُوا فِي الْمَوَاطِنِ أُقِيمَ عَلَى الشُّهُودِ حَدُّ الْفِرْيَةِ، وَلَا يُقَامُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ دَعَانِي إمَامٌ جَائِرٌ مِنْ الْوُلَاةِ إلَى الرَّجْمِ فَقَالَ لِي: إنِّي قَضَيْت عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ. أَوْ دَعَانِي إلَى قَطْعِ يَدِهِ وَقَالَ: إنِّي قَدْ قَضَيْت عَلَيْهِ بِقَطْعِ يَدِهِ فِي السَّرِقَةِ. أَوْ حِرَابَةً دَعَانِي إلَى قَطْعِ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ إلَى قَتْلِهِ وَأَنَا لَا أَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى لِهَذَا الَّذِي أَمَرَ، إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ قَدْ قَضَوْا بِحَقٍّ أَنْ يُطِيعَهُمْ فِي ذَلِكَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ قَدْ كَشَفُوا عَنْ الشُّهُودِ وَعَدَّلُوا وَعَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجُورُوا، فَأَرَى أَنْ يُطِيعَهُمْ، وَإِنْ عَلِمَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يُطِيعُ.

قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا مِمَّنْ وُصِفَ بِالْعَدَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>