للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي الرَّجُلِ يُفْضِي امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ يَغْتَصِبُ حُرَّةً أَوْ يَزْنِي بِهَا فَيُفْضِيهَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَأْتِي امْرَأَتَهُ فَيَفُضُّهَا فَتَمُوتُ مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ الْبِكْرِ فَيَفْتَضُّهَا وَمِثْلُهَا يُوطَأُ فَتَمُوتُ مِنْ جِمَاعِهِ. قَالَ: إذَا عُلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْ جِمَاعِهِ كَانَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ. قَالَ: فَأَرَى فِي مَسْأَلَتِك أَنْ يَكُونَ عَلَى الزَّوْجِ الَّذِي افْتَضَّهَا مَا شَأْنُهَا بِهِ.

قَالَ: وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ. وَاَلَّذِينَ جَعَلُوا فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ إنَّمَا جَعَلُوهَا بِمَنْزِلَةِ الْجَائِفَةِ. قُلْت: أَفَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَنْ رَأَى أَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ، وَأَنَا أَرَى فِي ذَلِكَ الِاجْتِهَادَ، فَإِذَا بَلَغَ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَصَاعِدًا حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ زَنَى بِهَا فَأَفْضَاهَا أَوْ اغْتَصَبَهَا فَأَفْضَاهَا؟ فَقَالَ: أَمَّا الَّتِي مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَأَمَّا الَّتِي اُغْتُصِبَتْ فَعَلَيْهِ لَهَا صَدَاقُهَا وَمَا شَأْنُهَا بِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُجَامِعُ أَمَتَهُ فَيُفْضِيهَا، أَتُعْتَقُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَضْرِبُ عَبْدَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ فَيَفْقَأُ عَيْنَهُ أَيُعْتَقُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ. فَمَسْأَلَتُك مِثْلُ هَذَا وَإِنَّمَا يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ.

قُلْتُ: أَلَيْسَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ أَفْضَى زَوْجَتَهُ أَنَّهُ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَمَا كُنَّا نَشُكُّ أَنَّهَا زَوْجَةٌ مِنْ الْأَزْوَاجِ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَأْتِي الْمَرْأَةَ فِي دُبُرِهَا زِنًا وَلَمْ يُجَامِعْهَا فِي فَرْجِهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ وَطْءٌ يُغْتَسَلُ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى فِيهِ الْحَدَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [العنكبوت: ٢٨] سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ قَالَ: فَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ وَطْئًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} [الأعراف: ٨١] سُورَةُ الْأَعْرَافِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥] سُورَةُ النِّسَاءِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: ١٦] سُورَةُ النِّسَاءِ فَجَعَلَهُ هَهُنَا فَاحِشَةً وَهَهُنَا فَاحِشَةً فَأَرَاهُ قَدْ سَمَّى هَذَا كَمَا سَمَّى هَذَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا جَامَعَهَا فَأَفْضَاهَا وَهِيَ مُغْتَصَبَةٌ أَيَكُونُ عَلَيْهِ مَعَ الصَّدَاقِ مَا أَفْضَاهَا يَدْخُلُ بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَعْضٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إذَا أَفْضَاهَا وَقَدْ اغْتَصَبَهَا فَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ وَعَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْإِفْضَاءِ مَعَ الصَّدَاقِ، وَلَا يَدْخُلُ بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَعْضٍ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ أَوْضَحَ رَجُلًا فَسَقَطَتْ عَيْنُهُ مِنْ ذَلِكَ، أَنَّ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ فِي الْمُوضِحَةِ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْعَيْنِ، وَلَا يَدْخُلُ بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ الْإِفْضَاءُ.

[فِيمَنْ قَدَفَ صَبِيَّةً لَمْ تَحِضْ]

ْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ صَبِيَّةً لَمْ تَحِضْ وَمِثْلُهَا يُجَامَعُ فَأَمْكَنَتْ مِنْ نَفْسِهَا رَجُلًا فَجَامَعَهَا حَرَامًا فَأَقَمْتُ الْحَدَّ عَلَى الرَّجُلِ، ثُمَّ إنَّ الْجَارِيَةَ حَاضَتْ فَقَذَفَهَا رَجُلٌ بَعْدَمَا حَاضَتْ، أَيُجْلَدُ قَاذِفُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ يُجْلَدُ قَاذِفُهَا لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي فَعَلَتْهُ فِي الصِّبَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>