للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّهَادَةَ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا. قَالَ: وَكَيْفَ يَشْهَدُ الشُّهُودُ إلَّا هَكَذَا؟

قُلْتُ أَرَأَيْتَ أَرْبَعَةً شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُمْ عَبِيدٌ. وَقَالَ الشُّهُودُ: بَلْ نَحْنُ أَحْرَارٌ. عَلَى مَنْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَذَفَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ: يَا زَانِي أَوْ ابْنَ الزَّانِيَةِ فَقَالَ الْقَاذِفُ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ لَعَلَّهُ عَبْدٌ. فَسَأَلَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ أَنَّ أُمَّهُ حُرَّةٌ وَالرَّجُلُ الْمَقْذُوفُ لَا يُعْرَفُ وَلَا تُعْرَفُ أُمُّهُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُضْرَبُ قَاذِفُهُ الْحَدَّ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ. ثُمَّ قَالَ لِي: وَمَنْ يَعْرِفُ الْبَصْرِيَّ أَوْ الشَّامِيَّ أَوْ الْإِفْرِيقِيَّ هَهُنَا بِالْمَدِينَةِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك فِي الزِّنَا.

قُلْتُ: وَأَصْلُ النَّاسِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الشَّهَادَاتِ كُلِّهَا أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ؟

قَالَ: نَعَمْ، أَصْلُهُمْ أَحْرَارٌ فِيمَا قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الزِّنَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ إذَا ادَّعَى الشُّهُودُ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ. قَالَ: وَالنَّاسُ أَصْلُهُمْ أَحْرَارٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا ادَّعَى الْقَاذِفُ أَمْرًا قَرِيبًا مِنْ بَيِّنَةِ أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ أَوْ أُمَّهُ أَمَةٌ لَمْ يُعَجَّلْ عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى بَيِّنَةً بَعِيدَةً جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ الضَّرْبِ الْبَيِّنَةَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ.

قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ لِلْمَضْرُوبِ مِنْ أَرْشِ الضَّرْبِ شَيْءٌ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَا أَرَى لَهُ فِي الْأَرْشِ شَيْئًا.

[رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضِيَّتِهِ وَإِقَامَةُ الرَّجُلِ الْحَدَّ عَلَى عَبِيدِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَاضِيَ إذَا رَجَمَ وَقَطَعَ الْأَيْدِيَ وَضَرَبَ الرِّجَالَ فَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: حَكَمْتُ بِالْجَوْرِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا تَعَمَّدَ الْإِمَامُ مِنْ جَوْرٍ فَيُجَارِيهِ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّهُ يُقَادُ مِنْهُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ أَقَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

قُلْتُ أَرَأَيْتَ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فِيهَا، أَتَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا أَمْ لَا؟ قَالَ. نَعَمْ يَرُدُّهَا وَيَنْقُضُ قَضِيَّتَهُ تِلْكَ وَيَبْتَدِئُ النَّظَرَ فِيهَا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَلَوْ وَلِيَ غَيْرُهُ مِنْ الْقُضَاةِ بَعْدَهُ، أَيَرُدُّهَا أَمْ لَا يَرُدُّهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَلَا يَنْقُضُهُ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جَوْرٍ بَيِّنٍ أَوْ خَطَأٍ بَيِّنٍ لَمْ يَخْتَلِفْ النَّاسُ فِي خَطَئِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَلَا يُمْضِيهِ.

[فِي السَّيِّدِ يُقِيمُ عَلَى عَبْدِهِ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ وَالْإِمَامُ يَشْهَدُ عَلَى الْحُدُودِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحُرَّ، أَيُقِيمُ عَلَى مَمْلُوكِهِ حَدَّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، يُقِيمُ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَيْهِمْ إلَّا السَّرِقَةَ، فَإِنَّ السَّرِقَةَ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>