للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقِيمُهَا عَلَى الْعَبْدِ إلَّا الْوَالِي، وَلَا يُقِيمُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى زِنَا الْعَبْدِ أَرْبَعَةٌ سِوَاهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ مَعَ السَّيِّدِ ثَلَاثَةٌ شَهِدُوا عَلَى الْعَبْدِ وَالسَّيِّدُ رَابِعُهُمْ عَايَنُوا ذَلِكَ، أَيُقِيمُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ حَدَّ الزِّنَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا سَيِّدُهُ إلَّا أَنَّ سَيِّدَهُ يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ، فَيَكُونُ السُّلْطَانُ هُوَ الَّذِي يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَيَكُونُ السَّيِّدُ هَهُنَا شَاهِدًا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ إذَا شَهِدَ عَلَى حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِشَهَادَةِ الْإِمَامِ: لَمْ يُقِمْ الْإِمَامُ ذَلِكَ الْحَدَّ، وَلَكِنْ يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْوَالِي الَّذِي هُوَ فَوْقَهُ حَتَّى يُقِيمَ ذَلِكَ وَيَكُونَ هُوَ شَاهِدًا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ إذَا سَرَقَ وَسَيِّدُهُ شَاهِدٌ عَلَيْهِ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ. قَالَ: إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَهُ وَلَا يَقْطَعُهُ سَيِّدُهُ دُونَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامَ. فَالزِّنَا أَيْضًا عِنْدِي مِثْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِي فِي الْقَطْعِ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ تَزْنِي جَارِيَتُهُ وَلَا زَوْجَ: إنَّهُ لَا يُقِيمُ عَلَيْهَا الْحَدَّ وَإِنْ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ سِوَاهُ حَتَّى يَرْفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ السَّيِّدَ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ الشُّهُودُ عَلَى عَبْدِهِ بِالسَّرِقَةِ فَأَقَامَ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ، فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَادِلَةً فَأَصَابَ وَجْهَ الْقَطْعِ فَأَرَى أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْإِمَامَ إذَا شَهِدَ عَلَى حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ، أَيَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي تَحْتَهُ فَيَقْضِي بِشَهَادَتِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ إنْ كَانَ فَوْقَهُ أَحَدٌ، وَأَنَا أَرَى إنْ لَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ أَحَدٌ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْقَاضِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقِصَاصَ فِي الْعَمْدِ، أَيُقِيمُهُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقِيمُ عَلَى عَبْدِهِ الْقِصَاصَ وَلَكِنْ يَرْفَعُهُ إلَى السُّلْطَانِ فَيَكُونُ السُّلْطَانُ هُوَ الَّذِي يَقْتَصُّ. وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْعَبْدَيْنِ يَكُونَانِ لِرَجُلٍ فَيَقْطَعُ أَحَدُهُمَا يَدَ صَاحِبِهِ، أَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَقْطَعَ يَدَ الْآخَرِ الْجَانِي أَمْ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَهُمَا لَهُ جَمِيعًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ لِعَبْدِهِ مِنْ عَبْدِهِ، وَلَكِنْ لَا يَقْتَصُّ هُوَ دُونَ السُّلْطَانِ، وَلَكِنْ يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ فَيَكُونُ السُّلْطَانُ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ لِعَبْدِهِ مِنْ عَبْدِهِ، وَلَا يَقْتَصُّ هُوَ دُونَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَا لَهُ جَمِيعًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ أَنَّ أُنَاسًا قَالُوا: إذَا كَانَ الْعَبْدُ لَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْرَحُ مَالُهُ، فَلَيْسَ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ إذَا كَانَ سَيِّدُهُمَا وَاحِدًا قِصَاصٌ، فَأَبَى مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ مَا أَخْبَرْتُكَ.

[فِي الشُّهُودِ وَمَا يُجْرَحُونَ بِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ بِحَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ أَوْ بِحَقٍّ لِلنَّاسِ، فَأَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الْمُدْمِنُ عَلَى اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ فَلَا أَرَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ.

قُلْتُ: وَيُمَكَّنُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الشُّهُودِ أَنَّهُمْ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فِي قَوْل مَالِكٍ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>