للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْمُسْكِرَ مِنْ النَّبِيذِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا أَسْكَرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ كُلِّهَا فَهُوَ خَمْرٌ يُضْرَبُ صَاحِبُهُ فِيهِ ثَمَانِينَ. وَفِي رَائِحَتِهِ إذَا شُهِدَ عَلَيْهِ بِهَا أَنَّهَا رَائِحَةُ مُسْكِرٍ، نَبِيذًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ فِيهِ ثَمَانِينَ.

قُلْتُ: مِنْ حِنْطَةٍ كَانَ هَذَا النَّبِيذُ أَوْ مِنْ شَعِيرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالسُّكْرُكَةُ وَغَيْرُهَا فَإِنَّهَا عِنْدَهُ خَمْرٌ إذَا كَانَتْ تُسْكِرُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَكَرَ الْمُسْكِرِ، أَيُجْعَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ أَوْ مِنْ الْأَطْعِمَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ دُرْدِيِّ النَّبِيذِ الْمُسْكِرِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَحِلُّ أَنْ يُجْعَلَ شَرَابٌ يَضُرُّ بِهِ، فَكَذَلِكَ الطَّعَامُ عِنْدِي لَا يُجْعَلُ فِيهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّبِيذَ إذَا انْتَبَذْته، أَيَصْلُحُ لِي أَنْ أَجْعَلَ فِيهِ عَجِينًا أَوْ دَقِيقًا أَوْ سَوِيقًا أَوْ مَا يُشْبِهُ، لِيَشْتَدَّ بِهِ النَّبِيذُ قَلِيلًا أَوْ لِيُعَجَّلَ بِهِ النَّبِيذُ؟ قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْهُ فَأَرْخَصَ فِيهِ وَقَالَ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدُ فَنَهَى عَنْهُ.

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَقَدْ قَالَ لِي أَهْلُ الْمَغْرِبِ إنَّ تُرَابًا عِنْدَهُمْ يَجْعَلُونَهُ فِي الْعَسَلِ، وَإِنَّ هَذِهِ أَشْيَاءُ يُرِيدُونَ بِهَا إجَازَةَ الْحَرَامِ فَكَرِهَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا مَا لَمْ يُسْكِرْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ أَوْ الرُّطَبَ وَالتَّمْرَ أَوْ الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ، أَيُجْمَعَانِ فِي النَّبِيذِ جَمِيعًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يُنْبَذَانِ جَمِيعًا وَإِنْ نُبِذَا مُخْتَلِفَيْنِ شُرِبَا حَلَالًا، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُخْلَطَا فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يُشْرَبَا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا، أَوْ يُشْرَبَ الزَّهْوُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا. قَالَ: فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا لَا يُجْمَعُ مِنْهَا شَيْئَانِ فِي الِانْتِبَاذِ، وَلَا يُجْمَعُ مِنْهَا شَيْئَانِ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ يُخْلَطَانِ فَيُشْرَبَانِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَا حَلَالَيْنِ كِلَاهُمَا لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي جَاءَ فِيهِ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ لَا يُجْمَعَانِ فِي الِانْتِبَاذِ وَلَا فِي الشُّرْبِ؟ قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَزَجَ نَبِيذَهُ بِالْمَاءِ، أَيَكُونُ هَذَا قَدْ جَمَعَ شَيْئَيْنِ فِي قَدَحٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: لَا، لِأَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ بِنَبِيذٍ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>