للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَبَ وَالْأُمَّ، أَيُقْطَعَانِ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ الْوَلَدِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَالْأَجْدَادُ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُدْرَأَ عَنْهُ الْحَدُّ لِأَنَّهُ أَبٌ، وَلِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ فِي الْجَدِّ إذَا قَتَلَ ابْنَ ابْنِهِ التَّغْلِيظَ مِنْ الدِّيَةِ وَلَمْ يَقْتُلْهُ وَجَعَلَهُ أَبًا. فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ: يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ وَلَدِ وَلَدِهِ، فَإِنَّ الْأَبَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَلَا ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ، وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِيمَا سَرَقَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا. وَلَا فِيمَا وَطِئَ مِنْ جَوَارِيهمَا حَدٌّ، وَكَذَلِكَ هَذَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِيمَا سَرَقَ وَلَا نَفَقَةَ، وَقَدْ قِيلَ: ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ.

قُلْتُ أَرَأَيْتَ الْوَلَدَ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الْأَبِ، أَيُقْطَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ مَالِكٌ: إذَا زَنَى الِابْنُ بِجَارِيَةِ أَبِيهِ حُدَّ فَكَذَلِكَ السَّرِقَةُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا، هَلْ تُقْطَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا الَّذِي تَسْكُنُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ خَادِمُهَا إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالَ الزَّوْجِ مَنْ بَيْتِ الزَّوْجِ، وَقَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ أَوْ سَرَقَ خَادِمُ الزَّوْجِ مِنْ مَالِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتٍ قَدْ حَجَرَتْهُ عَلَيْهِمْ، قُطِعُوا أَيْضًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَبِي وَرَجُلًا أَجْنَبِيًّا، هَلْ يُقْطَعَانِ جَمِيعًا. إذَا سَرَقَا مِنِّي سَرِقَةً قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قَالَ: أَرَى أَنْ لَا يُقْطَعَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ مَنْ لَوْ سَرَقَ إذَا بَلَغَ الْحَدَّ أَنْ لَوْ سَرَقَ مِنِّي وَمَعَهُ أَجْنَبِيٌّ شَرِكَةً فِيهَا، مِثْلُ عَبْدِي وَأَجِيرِي الَّذِي ائْتَمَنْتُهُ عَلَى دُخُولِ بَيْتِي، فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ تَعَاوَنَا فِي السَّرِقَةِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ عَمَّنْ مَضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

قُلْتُ: فَإِنْ سَرَقَ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ سَرِقَةً قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَيُقْطَعُ الرَّجُلُ؟ قَالَ: نَعَمْ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّرِيكَ يَسْرِقُ مِنْ مَتَاعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ؟ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ شَرِيكٍ سَرَقَ مِنْ مَتَاعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ مِنْ مَتَاعٍ قَدْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يُقْطَعَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ شَرِيكَيْنِ اسْتَوْدَعَا رَجُلًا مَتَاعًا فَسَرَقَهُ أَحَدُهُمَا مِنْهُ، رَأَيْتُ أَنْ يُقْطَعَ إذَا كَانَ فِيمَا سَرَقَ مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِ فَضْلٌ عَنْ جَمِيعِ حِصَّتِهِ رُبُعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، وَلَمْ يُجْعَلْ هَذَا عِنْدَهُ مِثْلَ الَّذِي يُغْلِقَانِ عَلَيْهِ الْبَابَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ أَخَوَانِ لِأَخِيهِمَا أَنَّ هَذَا السَّارِقَ سَرَقَ مَتَاعَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الْأَخَوَانِ صَالِحَيْنِ مُبَرَّزَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَخِيهِمَا، وَلَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ فِي السَّرِقَةِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا لِأَخِيهِمَا جَائِزَةٌ، وَأَرَى أَنَّهُمَا فِي السَّرِقَةِ بِمَنْزِلَةِ الْحُقُوقِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَا أَنِّي سَرَقْتُ مِنْ مُكَاتَبِي؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ لَمْ يُقْطَعْ، فَالسَّيِّدُ مِثْلُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدُوا عَلَى الْأَبِ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ مَالِ مُكَاتَبِ ابْنِهِ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُقْطَعَ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ عَبْدِ ابْنِهِ مَالًا لَمْ يُقْطَعْ، فَكَذَلِكَ مُكَاتَبُ ابْنِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>