للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا فَصَبَغَ الثَّوْبَ أَحْمَرَ، فَأُخِذَ السَّارِقُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الثَّوْبِ فَقُطِعَ، أَيَكُونُ لِرَبٍّ الثَّوْبِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ أَمْ لَا؟ قَالَ: أَرَى إنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنْ يُعْطِيَ السَّارِقَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَيَأْخُذَ ثَوْبَهُ. فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى بَيْعَ الثَّوْبِ، فَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ وَفَاءٌ لِقِيمَةِ الثَّوْبِ يَوْمَ سَرَقَهُ السَّارِقُ كَانَ ذَلِكَ لِرَبِّ الثَّوْبِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ الثَّوْبُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَعْطَى الْفَضْلَ السَّارِقَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ عَلَى السَّارِقِ شَيْءُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلسَّارِقِ مَالُ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ: أَنَا آخُذُ ثَوْبِي وَأَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ صَبْغِهِ؟

قَالَ: ذَلِكَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْغَاصِبُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ ظَهَارَةَ جُبَّةٍ أَوْ ظَهَارَةَ قَلَانِسَ أَوْ بَطَائِنَ لِلْجِبَابِ، ثُمَّ أُخِذَ السَّارِقُ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرٌ ذَلِكَ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَنَا آخُذُ ثَوْبِي وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعًا وَأَفْتُقُهُ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَهُ فِي رَأْيِي، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ سَرَقَ خَشَبَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بُنْيَانِهِ أَوْ عَمُودًا فَأَدْخَلَهُ فِي بُنْيَانِهِ، إنَّ لِرَبِّ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَرَابُ بُنْيَانِ هَذَا، فَكَذَلِكَ الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبَهُ فَاسِدًا؟

قَالَ: يُصْنَعُ بِهِ إذَا كَمَا وَصَفْتُ لَك فِي الَّذِي صَبَغَ الثَّوْبَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَرَقَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا سَوِيقًا وَلَتَّهَا، ثُمَّ أُخِذَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَقُطِعَ يَدُهُ وَقَالَ رَبُّ الْحِنْطَةِ: أَنَا آخُذُ هَذَا السَّوِيقَ؟ قَالَ: هُوَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ، يُبَاعُ هَذَا السَّوِيقُ وَيُعْطَى حِنْطَةً مِثْلَ حِنْطَتِهِ تُشْتَرَى لَهُ مِنْ ثَمَنِ السَّوِيقِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَرَقَ نُقْرَةَ فِضَّةٍ فَصَاغَهَا حُلِيًّا أَوْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ، ثُمَّ أُخِذَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَقُطِعَ، كَيْفَ يَصْنَعُ بِهَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا وَزْنُ فِضَّتِهِ لِأَنِّي إنْ أَجَزْتُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِلَا شَيْءٍ كُنْتُ قَدْ ظَلَمْتُ السَّارِقَ عَمَلَهُ، وَإِنْ قُلْتُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَعْطِهِ قِيمَةَ عَمَلِهِ كَانَتْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ زِيَادَةً فَهَذَا الرِّبَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ سَرَقَ مِنِّي نُحَاسًا فَصَنَعَهُ قُمْقُمًا أَوْ قِدْرًا، فَأُخِذَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ؟ قَالَ: هَذَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْفِضَّةِ، وَيَكُونُ لَهُ مِثْلُ وَزْنِ نُحَاسِهِ. وَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَمَّا اسْتَهْلَكَ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ الْحَدِيدِ وَالتِّبْرِ وَالْفِضَّةِ مِمَّا يُوجَدُ مِثْلُهُ، أَهُوَ مِثْلُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ؟

قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إلَّا مِثْلُ مَا اُسْتُهْلِكَ لَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ سَرَقَ خَشَبَةً فَصَنَعَهَا بَابًا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي الْخَشَبَةِ قِيمَتُهَا.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ غَنَمًا فَقَدَّمَهُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَلَا مَالَ لَهُ وَقَدْ بَاعَ الْغَنَمَ، ثُمَّ أَصَابَهَا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ وَلَدَتْ الْغَنَمُ عِنْدَهُ أَوْلَادًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ الْغَنَمَ وَأَوْلَادَهَا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى السَّارِقِ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ سَرَقَ وَالْيَمِينُ شَلَّاءَ؟ قَالَ: عَرَضْنَاهَا عَلَى مَالِكٍ فَمَحَاهَا وَأَبَى أَنْ يُجِيبَنَا فِيهَا بِشَيْءٍ، ثُمَّ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَيُبْتَدَأُ بِهَا.

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>