للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَقْطُوعَةِ يَمِينُهُ.

قُلْتُ: وَلِمَ قَطَعَ مَالِكٌ يَمِينَهُ لِلسَّرِقَةِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا لِيَمِينِ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا اجْتَمَعَ حَدٌّ لِلْعِبَادِ وَحَدٌّ لِلَّهِ، يَكُونُ لِلْعِبَادِ أَنْ يَعْفُوا عَنْهُ وَحُدُودُ اللَّهِ لَا يَجُوزُ لِلْعِبَادِ الْعَفْوُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يُقَامُ الْحَدُّ الَّذِي هُوَ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ وَقَطَعَ شِمَالَ رَجُلٍ فَرُفِعَ إلَى السُّلْطَانِ، أَيُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ وَيُقْتَصُّ مِنْ شِمَالِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هُوَ رَأْيِي، لِأَنَّ مَنْ سَرَقَ - عِنْدَ مَالِكٍ - أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ، وَمَنْ قَطَعَ مُتَعَمِّدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ.

قُلْتُ: فَهَلْ يُجْمَعُ الْقَطْعَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا أَمْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ ثُمَّ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى إذَا بَرِئَ قَطَعَ شِمَالَهُ فِي الْقِصَاصِ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْحَدِّ وَالنَّكَالِ، يُجْمَعَانِ جَمِيعًا عَلَى الرَّجُلِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ عَلَى مَا يَرَى. إنْ رَأَى أَنْ يَجْمَعَهُمَا جَمِيعًا جَمَعَهُمَا، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُفَرِّقَ فَرَّقَ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَمَا سَمِعْتُ فِي هَذَا بِحَدٍّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اجْتَمَعَ عَلَى رَجُلٍ الْقِصَاصُ وَالْحُدُودُ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ، بِأَيِّهَا يَبْدَأُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ فِي الْقَطْعِ وَالسَّرِقَةِ إذَا اجْتَمَعَا فِي الْيَدِ الْوَاحِدَةِ، أَخَذَ الْحَدَّ الَّذِي هُوَ لِلَّهِ. فَأَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِمَا هُوَ لِلَّهِ فَيُؤْخَذُ. فَإِنْ عَاشَ أَخَذَ مَا لِلْعِبَادِ، وَإِنْ مَاتَ كَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ مَا هُوَ لِلَّهِ، لِأَنَّ الْحُدُودَ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ لَا عَفْوَ فِيهَا. فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِهَا وَيُعَجِّلَ قَبْلَ الْقِصَاصِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ شَيْئًا جَمَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ فَرَّقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الضَّرْبِ وَالنَّكَالِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: سَرَقْتُ مِنْ فُلَانٍ، وَقَالَ فُلَانٌ: مَا سَرَقْتَ مِنِّي شَيْئًا قَطُّ؟ قَالَ: أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَمْتُ الْحَدَّ عَلَيْهِ، أَيَقُولُ لِلَّذِي أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ: احْمِلْ مَتَاعَك. فَيُجْعَلُ الْمَتَاعُ مَتَاعَهُ وَيَقْطَعُهُ؟

قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: سَرَقْتُ هَذَا الْمَتَاعَ مَنْ فُلَانٍ. وَقَالَ فُلَانٌ: بَلْ الْمَتَاعُ مَتَاعَكَ وَلَمْ تَسْرِقْهُ مِنِّي، أَوْ قَالَ لَهُ: إنَّهُ كَانَ اسْتَوْدَعَنِيهِ، وَقَوْلُهُ أَنَا سَرَقْتُهُ إنَّمَا أَخَذَ مَتَاعَهُ؟ أَوْ قَالَ: إنَّمَا بَعَثَ بِهَذَا الْمَتَاعِ مَعِي إلَيْهِ. وَهُوَ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّرِقَةِ؟ قَالَ: الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيِي، أَنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ، لِأَنَّ هَذَا مُقِرٌّ بِالسَّرِقَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ هَلْ يُقْطَعُ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَغْنَمٍ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَغْنَمِ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: يُقْطَعُ. قُلْتُ: لِمَ قَطَعَهُ مَالِكٌ وَلَهُ فِيهِ نَصِيبٌ؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: كَمْ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ يَسْرِقُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ

قُلْتُ: فَلَوْ سَرَقَ السَّيِّدُ مَنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ، أَيُقْطَعُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا أَخْبَرْتُك فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يُقْطَعْ فَالسَّيِّدُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ أَحْرَى أَنْ لَا يُقْطَعَ.

قُلْتُ: فَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِ سَيِّدِهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>