للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمْ قِيمَةُ الثَّلَاثِينَ جَذَعَةً وَالثَّلَاثِينَ حِقَّةً وَالْأَرْبَعِينَ خَلِفَةً. فَنَعْرِفُ كَمْ قِيمَتُهُنَّ. ثُمَّ نَنْظُرُ إلَى دِيَةِ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا مِنْ الْأَسْنَانِ، عِشْرِينَ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَعِشْرِينَ ابْنَ لَبُونٍ ذُكُورٍ وَعِشْرِينَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَعِشْرِينَ حِقَّةً وَعِشْرِينَ جَذَعَةً، فَنَنْظُرُ كَمْ قِيمَةُ هَذِهِ. ثُمَّ نَنْظُرُ كَمْ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مَا بَيْنَ قِيمَةِ دِيَةِ التَّغْلِيظِ وَدِيَةِ الْخَطَأِ، فَيُزَادُ فِي الدِّيَةِ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ إنْ كَانَ خُمُسًا أَوْ سُدُسًا أَوْ رُبُعًا. قُلْت: وَلَمْ يَذْكُرْ لَكُمْ مَالِكٌ أَنَّ هَذَا شَيْءٌ قَدْ وُقِّتَ فِيمَا مَضَى، وَلَا يَكُونُ لِأَهْلِ زَمَانِنَا أَنْ يَنْظُرُوا فِي زِيَادَتِهِ الْيَوْمَ؟

قَالَ: لَا، لَمْ يَذْكُرْ لَنَا مَالِكٌ ذَلِكَ. قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُنْظَرَ إلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ زَمَانٍ، فَيُزَادُ فِي الدِّيَةِ قَدْرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْت لَك. وَتَفْسِيرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنْ يُنْظَرَ كَمْ دِيَةُ الْمُغَلَّظَةِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ وَدِيَةُ الْخَطَأِ سِتُّمِائَةٍ، فَالْعَقْلُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ الثُّلُثُ حُمِلَ عَلَى أَهْلِ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ. قُلْت: فَالدِّيَةُ مِنْ الْوَرِقِ، قَالَ: فَانْظُرْ أَبَدًا مَا زَادَتْ دِيَةُ الْمُغَلَّظَةِ عَلَى دِيَةِ الْخَطَأِ كَمْ هُوَ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَاحْمِلْهُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَنَنْظُرُ كَمْ هُوَ مِنْ دِيَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِ مَالِكٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ الْجِرَاحَاتُ فِيمَا تُغَلَّظُ فِيهِ.

قُلْت: فَإِنْ غَلَتْ أَسْنَانُ الْمُغَلَّظَةِ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي مِثْلَيْ دِيَةِ الْخَطَأِ، أَيُزَادُ فِي الدِّيَةِ دِيَةٌ أُخْرَى مِثْلُهَا وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ زِدْت عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ وَهُوَ رَأْيِي.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ، فِي جِرَاحَاتِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ، إنْ كَانَ بِحَالِ مَا صَنَعَ الْمُدْلِجِيُّ بِابْنِهِ فِي التَّغْلِيظِ مِثْلَ مَا فِي النَّفْسِ، وَإِذَا قَطَعَ الرَّجُلُ يَدَ ابْنِهِ وَعَاشَ الْوَلَدُ كَانَتْ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً، خَمْسَ عَشْرَةَ جَذَعَةً وَخَمْسَ عَشْرَةَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا، فَعَلَى هَذَا فَقِسْ جِرَاحَاتِهَا كُلَّهَا.

قُلْت: وَمَا بَلَغَ مِنْ جِرَاحَاتِ الْوَالِدِ ابْنَهُ الثُّلُثَ، حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ مُغَلَّظَةً، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ فِي مَالِ الْوَالِدِ مُغَلَّظًا عَلَى الْوَالِدِ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ تَحْمِلَهُ الْعَاقِلَةُ عَلَى حَالٍ، وَأَرَاهُ فِي مَالِ الْوَالِدِ، وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ فَهُوَ فِي مَالِ الْأَبِ مُغَلَّظًا عَلَى الْوَالِدِ. قُلْت: وَلَا يَرِثُ الْأَبُ مِنْ دِيَتِهِ شَيْئًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ؟ فَدَفَعَ إلَيْهِ الدِّيَةَ دُونَ الْوَالِدِ. قُلْت: أَفَيَرِثُ مِنْ مَالِهِ وَقَدْ قَتَلَهُ بِحَالِ مَا فَعَلَ الْمُدْلِجِيُّ بِابْنِهِ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنْ لَا يَرِثَ مِنْ مَالِهِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، لِأَنَّهُ مِنْ الْعَمْد وَلَيْسَ مِنْ الْخَطَأِ. وَلَوْ كَانَ مِنْ الْخَطَأِ لَحَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ، وَهُوَ مِمَّا لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَرِثْ مِنْ مَالِهِ، فَهُوَ والأجنبيون فِي الْمِيرَاثِ سَوَاءٌ، وَإِنْ صَرَفَ عَنْهُ الْقَوَدَ وَالْأَبُ لَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي الْقَوَدِ. وَلَقَدْ قَالَ نَاسٌ: وَإِنْ عَمَدَ لِلْقَتْلِ فَلَا يُقْتَلُ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى هَذَا. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ لِقَتْلِ ابْنِهِ فَذَبَحَهُ ذَبْحًا لَيْسَ مِثْلَ مَا صَنَعَ الْمُدْلِجِيُّ، أَوْ وَالِدَةٌ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِوَلَدِهَا مُتَعَمِّدَةً لِذَبْحِهِ، أَوْ لِتَشُقَّ بَطْنَهُ مِمَّا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهَا تَعَمَّدَتْ لِلْقَتْلِ نَفْسِهِ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ، فَأَرَى فِي ذَلِكَ الْقَوَدَ، يُقْتَلَانِ بِهِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ مَنْ لَهُ الْعَفْوُ

<<  <  ج: ص:  >  >>