للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى فِيهَا الْقِصَاصَ لِأَنَّ أَمْرَهَا يَسِيرٌ فِيمَا سَمِعْتُ وَلَا يُخَافُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ يُخَافُ فَهِيَ مِثْلُ مَا يُخَافُ مِنْ الْعِظَامِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْيَدَ وَالرِّجْلَ وَجَمِيعَ عِظَامِ الْجَسَدِ إذَا كُسِرَتْ فَبَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ عَثْلٍ، وَإِنْ كُسِرَتْ خَطَأً، فَلَا شَيْءَ فِيهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ لَا شَيْءَ فِيهِ.

قُلْتُ: وَمَا كَانَ مِنْهُ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ إلَّا فِي الْفَخِذِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي الْفَخِذِ؟

قَالَ: نَعَمْ، لَا قِصَاصَ فِي الْفَخِذِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عِظَامِ الْجَسَدِ كُلِّهَا أَنَّ فِيهَا الْقِصَاصَ. فَمَا أَدْرِي مَا عِظَامُ الْجَسَدِ كُلُّهَا إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ فِي كَسْرِ الذِّرَاعَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْأَصَابِعِ إذَا كُسِرَتْ، فَفِي هَذَا كُلِّهِ الْقِصَاصُ عِنْدَ مَالِكٍ. وَأَمَّا عِظَامُ الصُّلْبِ فَقَدْ سَمِعْتُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الصُّلْبُ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ الْقِصَاصُ مِنْهُ، وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ. وَأَمَّا عِظَامُ الصَّدْرِ وَالْأَضَالِعِ فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْأَلُ، فَإِنْ كَانَ يُخَافُ مِنْهُ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُخَافُ مِنْهُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ.

قُلْتُ: فَمَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي كَسْرِ عِظَامِ الْعُنُقِ، أَفِيهَا الْقِصَاصُ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا وَلَا أَرَى فِيهَا الْقِصَاصَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَظْمَ الرَّأْسِ مِنْ حَيْثُ مَا أَصَابَهُ فَأَوْضَحَهُ، أَهُوَ مُوضِحَةٌ؟ وَكُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَأَيْنَ مُنْتَهَى مَا هُوَ مِنْ الرَّأْسِ مِمَّا يَلِي الْعُنُقَ، أَيُّ عَظْمٍ هُوَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنَّهُ إلَى مُنْتَهَى جُمْجُمَةِ الرَّأْسِ. فَإِذَا أَصَابَ مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْ جُمْجُمَةِ الرَّأْسِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ الْعُنُقِ لَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ، لِأَنَّ عَظْمَ الْعُنُقِ إنَّمَا هُوَ مِثْلُ عِظَامِ الْجَسَدِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كُسِرَتْ إحْدَى الزَّنْدَيْنِ وَهُمَا قَصَبَةُ الْيَدِ، أَيُقْتَصُّ مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ خَطَأً فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَبْرَأَ عَلَى عَثْلٍ فَيَكُونَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْيَدَ إذَا قُطِعَتْ مِنْ أَصْلِ الْأَصَابِعِ فَصَاعِدًا إلَى الْمَنْكِبِ، فَإِنَّمَا فِيهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي الدِّيَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ، إذَا قُطِعَتْ الْأَصَابِعُ مِنْ أَصْلِهَا فَقَدْ تَمَّ عَقْلُ الْيَدِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَاَلَّذِي يَقْطَعُ الْيَدَ مِنْ الْمَنْكِبِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَقْلِ - عِنْدَ مَالِكٍ - مِثْلُ مَا عَلَى مَنْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ مِنْ أَصْلِهَا، وَتَحْمِلُ ذَلِكَ الْعَاقِلَةُ إذَا كَانَ خَطَأً. وَإِنْ كَانَ عَمْدًا كَانَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْقِصَاصُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَيُقْتَصُّ مِنْ الْيَدِ مِنْ الْمَنْكِبِ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَنْفَ إذَا كُسِرَ، مَا فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ؟

قَالَ: إذَا بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْلٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى عَثْلٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ إذَا كَانَ خَطَأً، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ. فَإِنْ بَرِئَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ وَصَارَ مِثْلَ الْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ عَثْلٌ وَبَرِئَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ عَثْلٍ، أَوْ عَثْلٍ وَهُوَ دُونَ الْعَثْلِ الْأَوَّلِ، اُجْتُهِدَ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْحُكُومَةِ عَلَى قَدْرِ مَا زَادَ شَيْنُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>