للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَى الْخِدْمَةَ رَجَعَ إلَى سَيِّدِهِ. وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُخْدَمِ: إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَفْتَكَّهُ فَافْتَكَّهُ، فَإِنْ افْتَكَّهُ خَدَمَهُ، فَإِنْ انْقَضَتْ سُنُوهُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ إلَيْهِ سَبِيلٌ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ مَا افْتَكَّهُ بِهِ الْمُخْدَمُ، وَإِلَّا كَانَ لِلْمُخْدَمِ بَتْلًا، فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا.

قُلْتُ: وَلِمَ قَالَ مَالِكٌ: يُبْدَأُ بِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ أَوَّلًا فَيُقَالُ لَهُ: افْتَكَّهُ؟

قَالَ: لِأَنَّ مَرْجِعَهُ إلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرِ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ إنْ جَنَى جِنَايَةً، مَا يُقَالُ لَهُمَا؟ قَالَ: يُقَالُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ: افْتَكَّهُ، فَإِنْ افْتَكَّهُ خَدَمَهُ إلَى الْأَجَلِ ثُمَّ أَسْلَمَهُ إلَى الَّذِي بُتِلَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ. فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: افْتَكَّ أَوْ أَسْلِمْ. فَإِنْ افْتَكَّهُ كَانَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُخْدَمِ فِيهِ شَيْءٌ، وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.

قَالَ سَحْنُونٌ: قَدْ كَانَ مِنْهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ، وَأَحْسَنُ قَوْلِهِ مِمَّا جَامَعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: أَنَّهُ إذَا أَخْدَمَ رَجُلٌ عَبْدًا لَهُ رَجُلًا سِنِينَ، أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَخْدُمَ فُلَانًا سِنِينَ وَرَقَبَتُهُ لِآخَرَ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً فِي يَدِ الْمُخْدِمِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، أَوْ فِي الْعَطِيَّةِ فِي صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، إنَّ الْعَبْدَ جَنَى يَوْمَ جَنَى، وَالْجِنَايَةُ فِي رَقَبَتِهِ لَيْسَ فِي خِدْمَتِهِ، فَالْمُقَدَّمُ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ لِلْحَقِّ الَّذِي لَهُ فِي الْخِدْمَةِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْخِدْمَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَتَفْتَكُّ أَوْ تُسْلِمُ مَا كَانَ لَكَ فِيهِ مِمَّا أَنْتَ الْمُقَدَّمُ فِيهِ. فَإِنْ أَسْلَمَ سَقَطَ حَقُّهُ وَقِيلَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: أَسْلِمْ أَوْ افْتَكَّ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ صَارَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ. وَإِنْ افْتَكَّهُ صَارَ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّ الْمُخْدَمِ لِتَرْكِهِ إيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ افْتَكَّهُ بِالْجِنَايَةِ اخْتَدَمَهُ، فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ إلَيْهِ سَبِيلٌ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا افْتَكَّهُ بِهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا افْتَكَّ الرَّقَبَةَ، وَالْجِنَايَةُ فِي الرَّقَبَةِ. فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مَا افْتَكَّهُ بِهِ صَارَ مَمْلُوكًا لِلَّذِي افْتَكَّهُ وَصَارَ مَوْقِفُهُ مَوْقِفَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ. فَكُلُّ مَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ فَرُدَّهُ إلَى مَا أَعْلَمْتُكَ فَإِنَّهُ أَصَحُّ مَذْهَبِهِمْ، وَقَدْ أَعْلَمْتُكَ بِمُجَامَعَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، فَمَاتَ السَّيِّدُ وَقَبَضَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً فَأَخْرَجَ قِيمَتَهُ، لِمَنْ تَكُونُ الْقِيمَةُ؟

قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: قِيمَتُهُ لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ بَتْلًا وَهُوَ رَأْيِي. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُخْدَمِ تُؤْخَذُ مِنْ الْقَاتِلِ وَيُشْتَرَى بِهَا رَقَبَةٌ فَتُدْفَعُ إلَى الْمُخْدِمِ تَخْتَدِمُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَمَدُ الَّذِي إلَيْهِ أُخْدِمَ الْعَبْدُ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَبْدُ إلَى الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ يُؤَاجَرُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ لِلْمُخْدَمِ عَبْدٌ يَخْدُمُهُ إلَى انْقِضَاءِ السِّنِينَ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ شَيْءٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ السِّنِينَ دُفِعَ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ يَقُولُ سَحْنُونٌ.

[أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ فَقُتِلَ الْعَبْدُ أَوْ جُرِحَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا]

فِيمَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ فَقُتِلَ الْعَبْدُ أَوْ جُرِحَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً، فَقُتِلَ الْعَبْدُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>