للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَقْتُولِ عَجَزَ وَرَجَعَ رَقِيقًا وَعَتَقَ فِي الْمَالِ إنْ قَتَلَهُ خَطَأً؛ لِأَنَّ الْحُرَّ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ وَلَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ، فَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ فِي مَالِ الْمَقْتُولِ لَا يَعْتِقُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ قَتَلَهُ عَمْدًا فِيمَا تَرَكَ، وَيَعْتِقُ إنْ كَانَ قَتَلَهُ خَطَأً فِيمَا تَرَكَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ عَلَيْهِ - وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ - وَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ فَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّونَ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ فِي الْأَجْنَبِيِّ يَتْبَعُهُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُكَاتَبُ إذَا كَانَ قَتَلَهُ خَطَأً، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ أَيْضًا بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ وَلَا يَتْبَعُ السَّيِّدُ فِي الْمَالِ إذَا كَانَا أَخَوَيْنِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَكُنْ يَتْبَعُهُ لَوْ أَدَّى عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ فِي الدِّيَةِ السَّيِّدُ مَنْ كَانَ يَتْبَعُهُ هُوَ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ، وَيَسْقُطُ عَمَّنْ كَانَ لَا يَتْبَعُهُ لَوْ أَدَّى عَنْهُ فِي الْخَطَأِ، وَيَكُونُ عَلَى الْأَخِ قِيمَةُ أَخِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ الْقِيمَةِ، فَلِذَلِكَ يَكُونُ عَلَيْهِ.

[ذَوِي الْقَرَابَةِ يُكَاتَبُونَ كِتَابَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَجْنِي بَعْضُهُمْ]

فِي ذَوِي الْقَرَابَةِ يُكَاتَبُونَ كِتَابَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَجْنِي بَعْضُهُمْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ جِنَايَاتِ ذَوِي الْقَرَابَةِ إذَا جَنَى أَحَدُهُمْ وَجَمِيعُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ، فَعَجَزَ الْجَانِي عَنْ أَدَاءِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ؟ قَالَ: يُقَالُ لِلَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ: أَدُّوا الْجِنَايَةَ وَإِلَّا رَجَعْتُمْ رَقِيقًا. فَإِنْ رَجَعُوا رَقِيقًا قِيلَ لِلسَّيِّدِ: ادْفَعْ الْجَانِيَ وَحْدَهُ بِجِنَايَتِهِ أَوْ افْدِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَدَّى عَنْ الْجَانِي قَرَابَتُهُ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ - وَهُمْ إخْوَتُهُ أَوْ وَالِدُهُ - فَعَتَقُوا، هَلْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّوْا عَنْهُ مَنْ الْجِنَايَةِ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ افْتَكُّوهُ حِينَ أَدَّوْا عَنْهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ مُكَاتَبٌ فَعَتَقَ لَعَتَقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهِ، فَكَذَلِكَ مَا افْتَكَّهُ بِهِ لَا يَتْبَعُهُ بِشَيْءٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُكَاتَبَيْنِ كُوتِبَا جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً، فَجَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا - كَانَا ذَا قَرَابَةٍ أَوْ أَجْنَبِيَّيْنِ - مَاذَا عَلَيْهِمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: عَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ، وَيَعْتِقُ الْقَاتِلُ فِيهَا وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ. قَالَ: وَسَوَاءٌ إنْ قَتَلَهُ الَّذِي مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، كَانَا ذَا قَرَابَةٍ أَوْ أَجْنَبِيَّيْنِ، فَذَلِكَ سَوَاءٌ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَيَعْتِقُ الْقَاتِلُ فِي قِيمَةِ الْمَقْتُولِ، وَلَا يَتْبَعُ الَّذِي عَتَقَ بِاَلَّذِي أَدَّى عَنْهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ، وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَيْنِ إذَا جَنَى أَحَدُهُمَا جِنَايَةً؟ قَالَ: يُقَالُ لِلْجَانِي: افْتَكَّ رَقَبَتَكَ بِدِيَةِ جِنَايَتِكَ، فَإِنْ عَجَزَ قِيلَ لِأَصْحَابِهِ: افْتَكُّوهُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ أَبَوْا صَارُوا رَقِيقًا كُلُّهُمْ. وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ شَيْءٌ مِنْ نُجُومِهِمْ ثُمَّ قِيلَ لِلسَّيِّدِ: ادْفَعْ الْجَانِيَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ إنَّمَا هِيَ فِي رَقَبَتِهِ فَحَيْثُمَا زَالَ زَالَتْ مَعَهُ، أَوْ افْدِهِ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ.

[جِنَايَةِ الْمُكَاتَبَةِ عَلَى وَلَدِهَا]

فِي جِنَايَةِ الْمُكَاتَبَةِ عَلَى وَلَدِهَا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُكَاتَبَةً حَدَثَ لَهَا وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا عَمْدًا فَقَالَ السَّيِّدُ: أَنَا أَقْتُلُهَا. أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَالِدِ يَقْتُلُ وَلَدَهُ: إنَّهُ لَا يُقَادُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>