للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِيَةُ الْجَنِينِ مَوْرُوثَةٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ، فَأَرَى لِهَذَا الْوَلَدِ مِنْ هَذَا الْأَخِ الْجَنِينِ مِيرَاثَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا يَوْمَ خُرُوجِ الْجَنِينِ مَيِّتًا وَوَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَيِّتًا لَوْ مَاتَ، وَلِأَبِيهِ امْرَأَةٌ حَامِلٌ، وَلَا ابْنَ لِلْمَيِّتِ، أَنَّ لِلْحَمْلِ مِيرَاثَهُ مِنْ هَذَا الْمَيِّتِ إذَا خَرَجَ حَيًّا، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي الْجَنِينِ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، ثُمَّ خَرَجَ آخَرُ حَيًّا فَعَاشَ أَوْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا فَمَاتَ مَكَانَهُ، كَانَ لِهَذَا الَّذِي خَرَجَ حَيًّا مِيرَاثُهُ مِنْ هَذَا الَّذِي خَرَجَ مَيِّتًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: دِيَةُ الْجَنِينِ مَوْرُوثَةٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ.

قُلْتُ: وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ خَرَجَ الْجَنِينُ مَيِّتًا قَبْلَ أَخِيهِ الْحَيِّ أَوْ بَعْدَهُ؟

قَالَ: نَعَمْ هُوَ سَوَاءٌ، وَهُوَ يَرِثُهُ إذَا كَانَ خُرُوجُهُ بَعْدَهُ وَهُوَ حَيٌّ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ الْوَالِدَ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَتِهِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَرِثُ مِنْ دِيَةِ الْجَنِينِ شَيْئًا وَلَا يَحْجُبُ، وَهِيَ مَوْرُوثَةٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ جَنِينَ الذِّمِّيَّةِ كَمْ فِيهِ؟ قَالَ: عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ أَوْ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ وَهُوَ سَوَاءٌ.

قُلْتُ: الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي هَذَا سَوَاءٌ؟

قَالَ نَعَمْ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَتِهِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أَعَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَهَا عَمْدًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا فَمَاتَ بَعْدَمَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا؟ قَالَ: الَّذِي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهُ، إنَّمَا هُوَ فِي الْخَطَأِ. وَأَنَا أَرَى فِيهِ الدِّيَةَ بِقَسَامَةٍ إذَا كَانَتْ الْأُمُّ مُسْلِمَةً وَالْأَبُ مُسْلِمًا. وَإِنْ ضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَهَا عَمْدًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّ فِيهِ الْقَسَامَةَ يَقْتَسِمُونَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَيَقْتُلُونَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَكُونُ الْعَمْدُ فِي الْمَرْأَةِ، إلَّا أَنْ يَضْرِبَ بَطْنَهَا خَاصَّةً تَعَمُّدًا، فَذَلِكَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةُ النَّصْرَانِيِّ وَهِيَ حَامِلٌ، فَضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا؟ قَالَ: لَا قَسَامَةَ فِي هَذَا، وَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ إذَا أَسْلَمَتْ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ: إنَّ فِي جَنِينِهَا مَا فِي جَنِينِ النَّصْرَانِيَّةِ، كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ، حَلَفَ وَرَثَتُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَاسْتَحَقُّوا دِيَتَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي النَّصْرَانِيِّ يُقْتَلُ فَيَأْتِي وُلَاتُهُ بِشَاهِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَدْلٍ: إنَّهُمْ يَحْلِفُونَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا. فَكَذَلِكَ جَنِينُ النَّصْرَانِيَّةِ إذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا، فَإِنَّمَا فِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ لَمَاتَ مِمَّا فَعَلَ بِهِ وَاسْتَحَقُّوا دِيَتَهُ.

[قِيمَةِ جَنِينِ الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَفِي الْأَبِ يَجْنِي عَلَى ابْنِهِ بِخَطَأٍ]

مَا جَاءَ فِي قِيمَةِ جَنِينِ الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَفِي الْأَبِ يَجْنِي عَلَى ابْنِهِ بِخَطَأٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا جَاءَ فِي الْجَنِينِ مِنْ الْحَدِيثِ: إنَّ فِيهِ الْغُرَّةَ. أَرَأَيْت إنْ جَاءَهُمْ بِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، أَيُجْبَرُونَ عَلَى أَخْذِ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ خَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>