للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَغَ الثُّلُثَ فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ امْرَأَةٍ نَامَتْ عَلَى صَبِيِّهَا فَقَتَلَتْهُ؟ قَالَ مَالِكٌ: أَرَى دِيَتَهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَتُعْتِقُ رَقَبَةً

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً، أَيَكُونُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَشْهَدُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً: إنَّ أَوْلِيَاءَ الْقَتِيلِ يُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ قِبَلَ الْعَاقِلَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً: إنَّ أَوْلِيَاءَ الْقَتِيلِ يُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ قِبَلَ الْعَاقِلَةِ.

قُلْتُ: فَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً، أَيَكُونُ لِوُلَاةِ الدَّمِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا الدِّيَةَ، وَإِنَّمَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ؟ قَالَ: لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ وَيَقْتَسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ جَحَدَهُ، كَانَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَيَسْتَحِقَّ حَقَّهُ، وَهَذَا عِنْدِي مُخَالِفٌ لِلدَّمِ - دَمِ الْخَطَأِ - وَهُوَ رَأْيِي.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْعَبْدِ يَجْرَحُ وَلَهُ مَالٌ: إنَّهُ مُرْتَهَنٌ بِمَالِهِ فِي جِرَاحِهِ. فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَدَيْنُهُ أَوْلَى بِمَالِهِ مِنْ جُرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُرْحُهُ فِي رَقَبَتِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمُدَبَّرِ إذَا جَرَحَ رَجُلًا فَأَسْلَمَ سَيِّدُهُ خِدْمَتَهُ، ثُمَّ جَرَحَ آخَرَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ سَيِّدُهُ خِدْمَتَهُ: إنَّهُمَا جَمِيعًا يَتَحَاصَّانِ فِي خِدْمَتِهِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لِلْأَوَّلِ وَبِقَدْرِ جِرَاحَةِ الثَّانِي

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَحْدُودَ فِي قَذْفٍ إذَا حَسُنَتْ حَالُهُ، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الدِّمَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا حَسُنَتْ حَالُ الْمَحْدُودِ فِي قَذْفٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَأَرَى شَهَادَتَهُ فِي الدَّمِ وَغَيْرِ الدَّمِ جَائِزَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ حِينَ قَالَ: إذْ حَسُنَتْ حَالُهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُ

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ شَهَادَاتِ النِّسَاءِ فِي الْجِرَاحَاتِ الْخَطَأِ وَالْقَتْلِ خَطَأً، أَتَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ النِّسَاءُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مُنَقِّلَةٍ عَمْدًا أَوْ مَأْمُومَةٍ عَمْدًا، أَتَجُوزُ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَنَا أَرَاهَا جَائِزًا فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجَازَ شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْخَطَأِ وَهُوَ دَمٌ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَآلَهَا أَنْ تَكُونَ مَالًا؛ إذْ الْمَأْمُومَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ عَمْدُهُمَا وَخَطَؤُهُمَا إنَّمَا هُوَ مَالٌ لَيْسَ فِيهِ قَوَدٌ.

[فِي الرَّجُلِ يَقُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ خَطَأً وَلَا عَمْدًا]

قُلْتُ لِأَبِي الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إذَا قَالَ الْمَقْتُولُ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ خَطَأً وَلَا عَمْدًا؟ قَالَ: إنْ قَالَ وُلَاةُ الدَّمِ كُلُّهُمْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ، وَيُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ مَا ادَّعَوْا مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ افْتَرَقُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا فَحَلَفُوا كُلُّهُمْ، كَانَ لَهُمْ دِيَةُ الْخَطَأِ بَيْنَهُمْ كُلِّهِمْ، الَّذِينَ ادَّعَوْا الْعَمْدَ وَاَلَّذِينَ ادَّعَوْا الْخَطَأَ. وَإِنْ أَبَى بَعْضُهُمْ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>