للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ وَلَا وَلَاءَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ الْعَرَبِ لَمْ يَرِثْهُ أَحَدٌ إلَّا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ، وَيَكُونُ مَا بَقِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ. فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ الرِّجَالِ وَلَا عَصَبَةَ لَهُ وَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ. فَسَبِيلُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَهَذَا وَاحِدٌ، وَمَا سَمِعْتُ ذَلِكَ إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ لَا يُقْتَلَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يَكُونُ فِي هَذَا قَسَامَةٌ فِي عَمْدٍ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً أَقْسَمَتْ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ وَأَخَذُوا حُقُوقَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ. قَالَ: وَأَمَّا إخْوَةُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ لِأُمِّهِ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ شَيْءٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُتِلَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ، أَيَكُونُ لِأُمِّهِ أَنْ تَقْتُلَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَاتِلَهُ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قُتِلَ وَلَهُ أُمٌّ وَعَصَبَةٌ فَصَالَحُوا الْعَصَبَةَ وَأَبَتْ الْأُمُّ إلَّا أَنْ تَقْتُلَ. قَالَ: ذَلِكَ لَهَا. فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنَّهَا قَدْ مَاتَتْ؟

قَالَ: فَوَرَثَتُهَا عَلَى مَا كَانَ لَهَا مِنْ الْقَتْلِ، إنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا، فَكَذَلِكَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ.

[تَقْسِيمِ الْيَمِينِ فِي الْقَسَامَةِ]

مَا جَاءَ فِي تَقْسِيمِ الْيَمِينِ فِي الْقَسَامَةِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَتْلِ، أَتَكُونُ فِي هَذَا قَسَامَةٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: كَيْفَ يُقْسِمُ الْوَرَثَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، أَوْ لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ إنْ كَانَ بَعْدَ ضَرْبِهِ حَيًّا.

قُلْتُ: وَلَا يَذْكُرُ مَالِكٌ فِي أَيْمَانِهِمْ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ؟

قَالَ: نَعَمْ، لَا يَرَى مَالِكٌ فِي الْأَيْمَانِ كُلِّهَا إلَّا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَلَا يَبْلُغُ بِالْحَلِفِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، لَا يُقَالُ لَهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ. وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْمَدَنِيِّينَ يَحْلِفُونَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَمَا يَزِيدُونَ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكَ عَنْ مَالِكٍ، فَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الَّذِي أَخْبَرْتُكَ عَنْهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَسَامَةَ أَعَلَى أَلْبَتَّةَ يَحْلِفُونَ فِيهَا - عِنْدَ مَالِكٍ - أَمْ عَلَى الْعِلْمِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: عَلَى الْبَتَّةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا يَوْمَ قُتِلَ هَذَا الْقَتِيلُ بِأَرْضِ إفْرِيقِيَّةَ فَأَتَى بَعْدَ ذَلِكَ، أَيُقْسِمُ عَلَى الْبَتَّةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْقَتِيلُ مَسْخُوطًا فَقَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ - وَوَرَثَةُ الْمَقْتُولِ كُلُّهُمْ مَسْخُوطٌ - أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً أَقْسَمُوا وَأَخَذُوا الدِّيَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ لَهُمْ. قَالَ: وَهَذَا خِلَافُ الشَّهَادَةِ، لَا يُقْسِمُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا مَعَ الشَّاهِدِ الْعَدْلِ، وَلَا يُقْسِمُ مَعَ شَاهِدٍ مَسْخُوطٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَعْمَى، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُقْسِمَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْ الدِّيَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الرِّجَالِ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى الذُّرِّيَّةِ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا شَيْءَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَلَا عَلَى النِّسَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الدِّيَةَ إذَا حَمَلَتْهَا الْعَاقِلَةُ، قَدْرُ كَمْ يُؤْخَذُ مِنْ الرَّجُلِ؟ قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَحُدَّ لَنَا فِي هَذَا حَدًّا. قَالَ: وَلَكِنَّ الْغَنِيَّ عَلَى قَدْرِهِ، وَمَنْ دُونَهُ عَلَى قَدْرِهِ، وَقَدْ كَانَ يُحْمَلُ عَلَى النَّاسِ فِي أُعْطِيَّاتِهِمْ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ دِرْهَمٌ وَنِصْفُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>