للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصَابَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ، أَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقْطَعُ يَدَ رَجُلَيْنِ عَمْدًا، أَتُقْطَعُ يَمِينُهُ لَهُمَا وَتُجْعَلُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ لَهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا.

قَالَ مَالِكٌ: إذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ الْيُمْنَى، ثُمَّ قَطَعَ يَمِينَ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَطَعَ يَمِينَ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا، تُقْطَعُ يَمِينُهُ لِجَمِيعِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ وَالرِّجْلُ وَكُلُّ شَيْءٍ إذَا كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَامَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ - الْأَوَّلُ أَوْ الْآخِرُ أَوْ الْأَوْسَطُ - أَتُمَكِّنُهُ مَنْ الْقِصَاصِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ اقْتَصَّ ثُمَّ جَاءَ الَّذِينَ جَنَى عَلَيْهِمْ يَطْلُبُونَ مَا جَنَى عَلَيْهِمْ، كَيْفَ يُصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقْذِفُ الْقَوْمَ مُتَفَرِّقِينَ فِي أَيَّامٍ شَتَّى، فَيَقُومُ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَيَضْرِبُهُ الْحَدَّ - كَانَ أَوَّلَهُمْ أَوْ أَوْسَطَهُمْ أَوْ آخِرَهُمْ - فَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ فِرْيَةٍ فَهَذَا الضَّرْبُ لِجَمِيعِهِمْ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَامَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بَعْدَ الضَّرْبِ.

قُلْتُ: هَذَا لَا يُشْبِهُ الْيَدَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا دِيَةٌ وَالْقَذْفُ لَا دِيَةَ فِيهِ. قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِقَوْلِهِ: قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَ رَجُلًا بَعْدَ ذَلِكَ عَمْدًا، ثُمَّ قَتَلَ بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلًا عَمْدًا فَقُتِلَ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي وَجَبَ لَهُمْ فِيهَا الْقِصَاصُ، وَالْيَدَ الَّتِي وَجَبَ لَهُمْ فِيهَا الْقِصَاصُ قَدْ ذَهَبَتْ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فَقَطَعَ يَمِينَهُ، ثُمَّ ذَهَبَتْ يَمِينُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قُلْتُ: فَإِنْ سَرَقَ فَقُطِعَتْ يَمِينُهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعَةِ يَمِينُهُ. وَقَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: إذَا سَرَقَ وَقَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ قُطِعَتْ يَمِينُهُ لِلسَّرِقَةِ، وَكَانَتْ السَّرِقَةُ أَوْلَى بِيَمِينِهِ مِنْ الْقِصَاصِ. قَالَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا رَأَيْتُ السَّرِقَةَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ رُبَّمَا عُفِيَ عَنْهُ وَالسَّرِقَةُ لَا عَفْوَ فِيهَا.

[رَجُلٍ أَقْطَعَ الْكَفِّ الْيُمْنَى قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ صَحِيحٍ مِنْ الْمِرْفَقِ]

مَا جَاءَ فِي رَجُلٍ أَقْطَعَ الْكَفِّ الْيُمْنَى قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ صَحِيحٍ مِنْ الْمِرْفَقِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَقْطَعَ الْكَفِّ الْيُمْنَى قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ صَحِيحِ الْيَدِ مِنْ الْمِرْفَقِ، فَأَرَادَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مَنْ يَمِينِ هَذَا بِقَطْعِ ذِرَاعِهِ مِنْ الْمِرْفَقِ وَلَيْسَتْ لِلْأَقْطَعِ كَفٌّ، أَيَكُونُ بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ هُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصَّ وَلَا عَقْلَ لَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ فَذَلِكَ لَهُ. وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ فِي كَفِّهِ إلَّا أُصْبُعَانِ - وَقَدْ قُطِعَتْ الثَّلَاثُ - فَقَطَعَ يَدَ رَجُلٍ. أَتَرَى لِلْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الَّذِي قَطَعَ يَدَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصَّ وَلَا عَقْلَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى فَلَهُ الْعَقْلُ، وَهَذَا عِنْدِي مِثْلُهُ سَوَاءً.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي شَجَجْتُ رَجُلًا مُوضِحَةً، فَأَخَذْتُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ وَهِيَ لَا تَبْلُغُ مِنِّي إلَّا نِصْفَ رَأْسِي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>