للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْعَصَبَةَ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ هَاهُنَا. وَأَمَّا مَسْأَلَتُكَ فِيهِ إذَا أَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ، فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُقْسِمَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُقْسِمُ النِّسَاءُ فِي الْعَمْدِ.

قُلْتُ: فَيَبْطُلُ دَمُ هَذَا؟

قَالَ: يُقْسِمُ عَصَبَتُهُ إنْ أَحَبُّوا فَيَقْتُلُونَ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَقْسَمَ عَصَبَتُهُ فَقَالَتْ الْبِنْتُ: أَنَا أَعْفُو؟

قَالَ: فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهَا؛ لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا اسْتَحَقَّهُ الْعَصَبَةُ هَاهُنَا.

قُلْتُ: فَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ وَهُمْ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا الدَّمَ وَقَالَتْ الِابْنَةُ: لَا أَعْفُو؟ قَالَ: فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ مِنْهَا وَمِنْهُمْ، أَوْ مِنْهَا وَمِنْ بَعْضِهِمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ قَتَلَهُ خَطَأً أَقْسَمَتْ الْأُخْتُ وَالِابْنَةُ وَأَخَذَتَا الدِّيَةَ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَمْ يُقْتَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

[رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّة أسلم ثُمَّ قُتِلَ عَمْدًا]

مَا جَاءَ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَسْلَمَ ثُمَّ قُتِلَ عَمْدًا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَسْلَمَ، أَوْ رَجُلٌ لَا تُعْرَفُ عَصَبَتُهُ قُتِلَ عَمْدًا، فَمَاتَ مَكَانَهُ وَتَرَكَ بَنَاتٍ فَأَرَدْنَ أَنْ يَقْتُلْنَ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَهُنَّ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْبَنَاتِ: نَحْنُ نَقْتُلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَحْنُ نَعْفُو؟ قَالَ: فَأَرَى لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ، يَرَى فِي ذَلِكَ رَأْيَهُ. إنْ رَأَى أَنْ يَقْتُلَ قَتَلَ إذَا كَانَ عَدْلًا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ النَّاظِرُ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا وُلَاتُهُ الْمُسْلِمُونَ. فَإِنَّهُ كَانَ الْوَالِي عَدْلًا، كَانَ نَظَرُهُ مَعَ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ كَانَ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا - وَلِلْمَقْتُولِ عَصَبَةٌ وَبَنَاتٌ - فَعَفَا بَعْضُ الْبَنَاتِ وَقَالَ بَعْضُهُنَّ: نَحْنُ نَقْتُلُ؟ قَالَ: يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ الْعَصَبَةِ، فَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ نَقْتُلُ. كَانَ الْقَتْلُ أَوْلَى. وَإِنْ قَالُوا نَحْنُ نَعْفُو. كَانَ الْعَفْوُ أَوْلَى. وَكَذَلِكَ أَرَى؛ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ قَدْ عَفَتْ وَعَفَا بَعْضُ الْبَنَاتِ، فَلَيْسَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْبَنَاتِ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ إذَا عَفَتْ جَمِيعًا، فَإِنَّمَا لِلْبَنَاتِ أَنْ يَقْتُلْنَ إذَا اجْتَمَعْنَ عَلَى الْقَتْلِ، فَإِنْ افْتَرَقْنَ فَقَالَ بَعْضُهُنَّ: نَقْتُلُ وَقَالَ بَعْضُهُنَّ: نَعْفُو. كَانَ الْعَفْوُ أَوْلَى، بِمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ إذَا كَانُوا وُلَاةَ الدَّمِ فَعَفَا بَعْضُهُمْ، لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَقِيَ أَنْ يَقْتُلَ، فَكَذَلِكَ الْبَنَاتُ حِينَ عَفَتْ الْعَصَبَةُ، كَانَ لَهُنَّ أَنْ يَقْتُلْنَ إذَا اجْتَمَعْنَ عَلَى الْقَتْلِ، فَإِذَا افْتَرَقْنَ فَلَيْسَ لَهُنَّ أَنْ يَقْتُلْنَ مِثْلَ مَا كَانَ لِلْإِخْوَةِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ قَدْ صَارَ لَهُنَّ حِينَ عَفَتِ الْعَصَبَةُ مِثْلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الْبَنِينَ.

قُلْتُ: فَإِنْ افْتَرَقَتْ الْعَصَبَةُ وَالْبَنَاتُ فَقَالَ بَعْضُ الْعَصَبَةِ: نَحْنُ نَقْتُلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَحْنُ نَعْفُو. وَافْتَرَقَ الْبَنَاتُ أَيْضًا مِثْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّهُ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا ادَّعَيْت أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ قَدْ عَفَا عَنِّي إلَى أَنْ اُسْتُحْلِفَهُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَلِيُّ الدَّمِ، أَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْقَاتِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ تَرُدَّ الْيَمِينُ عَلَيْهِ.

[الْأَبِ يُصَالِحُ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَنْ دَمٍ]

مَا جَاءَ فِي الْأَبِ يُصَالِحُ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَنْ دَمٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَبَ لِابْنِهِ دَمٌ قَبْلَ رَجُلٍ، خَطَأً أَوْ عَمْدًا، وَابْنُهُ صَغِيرٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>