للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو الزِّنَادِ: وَهِيَ السُّنَّةُ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُصَدِّقَ لَا يُصَدِّقُ إلَّا مَا أَتَى عَلَيْهِ وَوَجَدَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَاشِيَةِ يَوْمَ يَقْدَمُ عَلَى الْمَالِ، لَا يُلْتَفَتُ إلَى شَيْءٍ سِوَى ذَلِكَ.

قَالَ أَشْهَبُ: قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ ذَلِكَ.

[فِي إبَّانِ خُرُوجِ السُّعَاةِ]

ِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: سُنَّةُ السُّعَاةِ أَنْ يُبْعَثُوا قَبْلَ الصَّيْفِ وَحِينَ تَطْلُعُ الثُّرَيَّا وَيَسِيرُ النَّاسُ بِمَوَاشِيهِمْ إلَى مِيَاهِهِمْ، قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ الْعَمَلُ عِنْدَنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ رِفْقٌ بِالنَّاسِ فِي اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْمَاءِ وَعَلَى السُّعَاةِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ.

[فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا غُصِبَتْ مَاشِيَتُهُ أَوْ ظُلِمَهَا ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بَعْدَ أَعْوَامٍ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِتِلْكَ الْأَعْوَامِ أَوْ لِعَامٍ وَاحِدٍ، أَمْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا وَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا؟ فَقَالَ: إذَا غَصَبَهَا أَوْ ظُلِمَهَا ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بَعْدَ أَعْوَامٍ، لَمْ يُزَكِّهَا إلَّا زَكَاةَ عَامٍ لِعَامٍ لِوَاحِدٍ.

قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا: إنَّهُ وَإِنْ غُصِبَهَا فَلَمْ تَزَلْ مَالَهُ، فَمَا أَخَذَتْ السُّعَاةُ مِنْهَا أَجْزَأَ عَنْهُ، فَأَرَى إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْخُذْ السُّعَاةُ مِنْهَا شَيْئًا أَنْ يُزَكِّيَهَا لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ عَلَى مَا تُوجَدُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الْعَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي غَيْرِ هَذَا، يَخْتَلِفَانِ فِي الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ لَا تَرَى أَيْضًا لَوْ أَنَّ امْرَأً غُصِبَ حَائِطُهُ فَأَثْمَرَ سِنِينَ فِي يَدَيْ مُغْتَصَبِهِ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ وَمَا أَثْمَرَ، لَكَانَتْ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَا رُدَّ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمَاشِيَةِ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَاشِيَتِهِ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ لِأَنَّهُ مَالُهُ بِعَيْنِهِ وَالصَّدَقَةُ تُجْزِئُ فِيهِ، وَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ إذَا اغْتَصَبَهُ عَادَ لَيْسَ بِمَالٍ لَهُ وَصَارَ الْمُغْتَصِبُ غَارِمًا لِمَا اغْتَصَبَ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَالْعَيْنُ هُوَ الضِّمَارُ الَّذِي يَرُدُّ زَكَاتَهُ الدَّيْنُ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا وَقَدْ قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا.

[مَا أَخَذَ السَّاعِي فِي قِيمَةِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

ِ قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ أَجْبَرَ قَوْمًا وَكَانَ سَاعِيًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ دَارَهُمْ فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مَنْ صَدَقَتِهِمْ؟ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ تَجْزِيَ عَنْهُمْ إذَا كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ لِقِيمَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ عِنْدَ مَحِلِّهَا، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ ذَكَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْرَهُ اشْتِرَاءَ صَدَقَةِ مَالِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا. قَالَ سَحْنُونٌ: فَكَيْفَ بِمَنْ أُكْرِهَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>