للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ جَازَ لَكَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهُ لِأَنَّ عَلَيْكَ بَدَلَهُ، وَإِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ أَجْزَأَكَ عَنْ الَّذِي سُقْتَ لَهُ، وَلَا يُجْزِئُكَ إنْ أَكَلْت مِنْهُ وَيَصِيرُ عَلَيْكَ الْبَدَلُ إذَا أَكَلْت مِنْهُ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَا سُقْتُ مِنْ الْهَدْيِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي الْهَدْيِ حِينَ قَلَّدْتُهُ وَأَشْعَرْتُهُ فَلَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ حَتَّى صَارَ مِثْلَهُ، يَجُوزُ لَوْ اُبْتُدِئَ بِهِ مِثْلُ الْأَعْرَجِ الْبَيِّنِ الْعَرَجِ، وَمِثْلُ الدَّبَرَةِ الْعَظِيمَةِ تَكُونُ بِهِ، وَمِثْلُ الْبَيِّنِ الْمَرَضِ وَمِثْلُ الْأَعْجَفِ الَّذِي لَا يُنْقِي، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فَلَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ الْعَيْبُ عَنْهُ وَصَارَ صَحِيحًا، يُجْزِئُهُ لَوْ سَاقَهُ أَوَّلَ مَا سَاقَهُ بِحَالِهِ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ إنْ كَانَ مَضْمُونًا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَمَا سَاقَ مِنْ الْهَدْيِ مِمَّا مِثْلُهُ يَجُوزُ فَلَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ حَتَّى أَصَابَتْهُ هَذِهِ الْعُيُوبُ، عَرَجٌ أَوْ عَوَرٌ أَوْ مَرَضٌ أَوْ دَبَرٌ أَوْ عَيْبٌ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَوْ كَانَتْ ابْتِدَاءً بِهِ لَمْ يَجُزْ فِي الْهَدْيِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ عَنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَالضَّحَايَا لَيْسَتْ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مَا أَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَمَا تُشْتَرَى فَإِنَّ عَلَى صَاحِبِهَا بَدَلَهَا.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُبَدِّلَ أُضْحِيَّتَهُ بِخَيْرٍ مِنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُبَدِّلَ هَدْيَهُ بِخَيْرٍ مِنْهُ؟ قَالَ: أَلَا قُلْتَ: فَبِهَذَا يُظَنُّ أَنَّ مَالِكًا فَرَّقَ بَيْنَ الضَّحَايَا وَالْهَدْيِ فِي الْعُيُوبِ إذَا حَدَثَتْ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الضَّحِيَّةَ فَتَذْهَبُ فَيَجِدُهَا بَعْدَ أَنْ تَذْهَبَ أَيَّامُ الدَّمِ، هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهَا؟ قَالَ: لَا وَإِنَّمَا يَذْبَحُ مِنْ هَذِهِ الْبُدْنِ الَّتِي تُشْعَرُ وَتُقَلَّدُ لِلَّهِ، فَتِلْكَ إذَا ضَلَّتْ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى نُحِرَتْ بِمَكَّةَ، وَإِنْ أُصِيبَتْ خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى سِيقَتْ إلَى مَكَّةَ فَنُحِرَتْ بِمَكَّةَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ تُوقَفْ هَذِهِ الْبُدْنُ بِعَرَفَةَ فَوُجِدَتْ أَيَّامَ مِنًى سِيقَتْ إلَى مَكَّةَ فَنُحِرَتْ بِهَا، قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ قَدْ وُقِفَتْ بِعَرَفَةَ ثُمَّ وُجِدَتْ فِي أَيَّامِ مِنًى نُحِرَتْ بِمِنًى. قَالَ: وَلَا يُنْحَرُ بِمِنًى إلَّا مَا وُقِفَ بِعَرَفَةَ، قَالَ: فَإِنْ أُصِيبَتْ هَذِهِ الَّتِي وُقِفَ بِهَا بِعَرَفَةَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى نُحِرَتْ بِمَكَّةَ وَلَمْ تُنْحَرْ بِمِنًى، لِأَنَّ أَيَّامَ مِنًى قَدْ مَضَتْ.

قُلْتُ لَهُ: أَيُّ هَدْيٍ عِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ؟

قَالَ: التَّطَوُّعُ وَحْدَهُ.

قُلْتُ: فَصِفْ لِي التَّطَوُّعَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: كُلُّ هَدْيٍ سَاقَهُ الرَّجُلُ لَيْسَ لِشَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ جَزَاءٍ أَوْ فِدْيَةٍ أَوْ فَسَادِ حَجٍّ أَوْ فَوَاتِ حَجٍّ، أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكَهُ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ أَوْ تَلَذَّذَ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْحَجِّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ لِمُتْعَةٍ أَوْ لِقِرَانٍ، وَلَكِنَّهُ سَاقَهُ لِغَيْرِ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهَذَا التَّطَوُّعُ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيُّ هَدْيٍ يَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: كُلُّ هَدْيٍ لَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَنْحَرَهُ إنْ اشْتَرَيْتَهُ فِي الْحَرَمِ حَتَّى تُخْرِجَهُ إلَى الْحِلِّ فَتُدْخِلَهُ الْحَرَمَ، أَوْ تَشْتَرِيَهُ مِنْ الْحِلِّ فَتُدْخِلَهُ الْحَرَمَ فَهَذَا الَّذِي يُوقَفُ بِهِ بِعَرَفَةَ، لِأَنَّهُ إنْ فَاتَ هَذَا الْهَدْيَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لَمْ يَنْحَرْهُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ إلَى الْحِلِّ إذَا كَانَ إنَّمَا اُشْتُرِيَ فِي الْحَرَمِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ اشْتَرَى هَذَا الْهَدْيَ فِي الْحِلِّ وَسَاقَهُ إلَى الْحَرَمِ وَأَخْطَأَهُ الْوُقُوفُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>