للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَسْعَوْنَ، ثُمَّ يَقْدُمُونَ مِنًى وَلَا يُفِيضُونَ مِنْ مِنًى إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيَأْتُونَ فَيُنِيخُونَ بِإِبِلِهِمْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَيَدْخُلُونَ فَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَوْنَ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ، فَيُجْزِئُهُمْ طَوَافُهُمْ ذَلِكَ لِدُخُولِهِمْ مَكَّةَ وَلِإِفَاضَتِهِمْ وَلِوَدَاعِهِمْ الْبَيْتَ.

قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِحَجَّةٍ، فَطَافَ فِي أَوَّلِ دُخُولِهِ سِتَّةَ أَشْوَاطٍ وَنَسِيَ الشَّوْطَ السَّابِعَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟

قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا فَلْيَعُدْ وَلْيَطُفْ الشَّوْطَ الْبَاقِي وَيَرْكَعْ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ: وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ اسْتَأْنَفَ الطَّوَافَ مِنْ أَوَّلِهِ، وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قُلْت: فَإِنْ هُوَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الشَّوْطَ الَّذِي نَسِيَهُ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ إلَّا فِي بِلَادِهِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَفَرَغَ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا بَعْدَ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ ذَلِكَ الطَّوَافَ النَّاقِصَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَرْجِعُ وَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ سُبُوعًا، وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَفْعَلُ كَمَا وَصَفْت لَك قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ جَامَعَ بَعْدَمَا رَجَعَ فَعَلَ كَمَا وَصَفْت لَك قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ التَّزْوِيقَ فِي الْقِبْلَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ كَانَ يَكْرَهُهُ، وَيَقُولُ يَشْغَلُ الْمُصَلِّينَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ كَانَ هَمَّ أَنْ يَقْلَعَ التَّذْهِيبَ الَّذِي فِي الْقِبْلَةِ، فَقِيلَ لَهُ إنَّك لَوْ جَمَعْت ذَهَبَهُ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا، فَتَرَكَهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَأَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُصْحَفُ فِي الْقِبْلَةِ لِيُصَلَّى إلَيْهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَوْضِعَهُ حَيْثُ يُعَلَّقُ فَلَا أَرَى بَأْسًا.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ أَوَّلَ مَا دَخَلَ مَكَّةَ لَا يَنْوِي بِطَوَافِهِ هَذَا فَرِيضَةً وَلَا تَطَوُّعًا ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُجْزِئَهُ سَعْيُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ، قَالَ: فَإِنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ وَرَجَعَ إلَى بِلَادِهِ وَتَبَاعَدَ أَوْ جَامَعَ النِّسَاءَ رَأَيْت ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُ، وَرَأَيْت عَلَيْهِ الدَّمَ، وَالدَّمُ فِي هَذَا عِنْدِي خَفِيفٌ، قَالَ: قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَبَاعَدْ رَأَيْت أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قُلْت: أَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ رَأْيِي، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَطُوفُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، قَالَ: أَرَى عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ بِلَادِهِ فَيَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ طَافَ تَطَوُّعًا بَعْدَ طَوَافِهِ الَّذِي طَافَهُ لِلْإِفَاضَةِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، قُلْت: فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ بَعْدَهُ تَطَوُّعًا أَجْزَأَهُ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؟ قُلْت: وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَاجِبٌ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ طَافَ بَعْضَ طَوَافِهِ فِي الْحِجْرِ فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَجَعَ إلَى بِلَادِهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ بِطَوَافٍ فَلْيَرْجِعْ فِي قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ مِثْلُ مَنْ لَمْ يَطُفْ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ سَأَلْت مَالِكًا عَمَّنْ طَافَ بِالْبَيْتِ مَنْكُوسًا مَا عَلَيْهِ؟

قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ يُجْزِئُهُ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ مَحْمُولًا مَنْ غَيْرِ عُذْرٍ؟

قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ طَافَ

<<  <  ج: ص:  >  >>