للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَيَمَّمَ وَصَلَّى.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَيَمَّمَ رَجُلٌ فَيَمَّمَ وَجْهَهُ فِي مَوْضِعٍ وَيَمَّمَ يَدَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ؟

قَالَ: إنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ فَلْيَبْتَدِئْ التَّيَمُّمَ وَإِنْ لَمْ يَتَطَاوَلْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا ضَرَبَ لِوَجْهِهِ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ قَامَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ فَضَرَبَ لِيَدَيْهِ أَيْضًا وَأَتَمَّ تَيَمُّمَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ.

قُلْتُ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ: هُوَ عِنْدِي مِثْلُ الْوُضُوءِ.

قُلْتُ لَهُ: فَإِنْ نَكَسَ التَّيَمُّمَ فَيَمَّمَ يَدَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ ثُمَّ وَجْهَهُ بَعْدَ يَدَيْهِ؟

قَالَ: إنْ صَلَّى أَجْزَأَهُ وَيُعِيدُ التَّيَمُّمَ لِمَا يَسْتَقْبِلُ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ: هُوَ مِثْلُ الْوُضُوءِ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْجُنُبِ: لَا يَجِدُ الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي ثُمَّ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: يَغْتَسِلُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَصَلَاتُهُ الْأُولَى تَامَّةٌ، وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى هَذَا أَنَّهُ يَغْتَسِلُ وَذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْدُورِ وَالْمَحْصُوبِ إذَا خَافَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَقَدْ أَصَابَتْهُمَا جَنَابَةٌ: إنَّهُمَا يَتَيَمَّمَانِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَحْدَثَا فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُحْدِثَا يَتَيَمَّمَانِ لِلْجَنَابَةِ وَلَا يَغْتَسِلَانِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَجْرُوحَ الَّذِي قَدْ كَثُرَتْ جِرَاحَاتُهُ فِي جَسَدِهِ حَتَّى أَتَتْ عَلَى أَكْثَرِ جَسَدِهِ كَيْفَ يَفْعَلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْدُورِ وَالْمَحْصُوبِ إذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمَسَّ الْمَاءَ جَسَدُهُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ بَعْضُ جَسَدِهِ صَحِيحًا لَيْسَ فِيهِ جُرُوحٌ وَأَكْثَرُ جَسَدِهِ فِيهِ الْجِرَاحَةُ؟

قَالَ: يَغْسِلُ مَا صَحَّ مِنْ جَسَدِهِ وَيَمْسَحُ عَلَى مَوَاضِعِ الْجِرَاحَةِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَى الْخِرَقِ الَّتِي عَصَبَ بِهَا.

قُلْتُ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لِلْمَجْدُورِ وَأَشْبَاهِهِ رُخْصَةٌ أَنْ لَا يَتَوَضَّأَ وَيَتْلُوَ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: ٦] قَالَ: وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى مِنْ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَفْتَى مَجْدُورًا بِالتَّيَمُّمِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ غَمَرَتْ جَسَدَهُ وَرَأْسَهُ الْجِرَاحَاتُ إلَّا الْيَدَ وَالرِّجْلَ أَيَغْسِلُ تِلْكَ الْيَدَ وَالرِّجْلَ وَيُمِرُّ الْمَاءَ عَلَى مَا عَصَبَ مِنْ جَسَدِهِ أَمْ يَتَيَمَّمُ؟

قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَأَرَى أَنْ يَتَيَمَّمَ إذَا كَانَ هَكَذَا، وَقَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا خَافَ الْجُنُبُ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْتَ فِي الثَّلْجِ وَالْبَرْدِ وَنَحْوِهِ إنْ هُوَ اغْتَسَلَ أَجْزَأَهُ التَّيَمُّمُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ الْجَزَرِيِّ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَصَابَهُ جُدَرِيٌّ فَأَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَغَسَّلَهُ أَصْحَابُهُ فَتَهَرَّى لَحْمُهُ فَمَاتَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَمَا كَانَ يَكْفِيهِمْ أَنْ يُيَمِّمُوهُ بِالصَّعِيدِ» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى جَيْشٍ فَسَارَ وَإِنَّهُ احْتَلَمَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ هُوَ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ أَنْ يَمُوتَ، فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِهِمْ وَإِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>