للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيَرْكَبُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَيُهْدِي وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَمْشِي مَا أَطَاقَ وَلَوْ شَيْئًا ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي بِمَنْزِلَةِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَحَنِثَ فَمَشَى فِي حَجٍّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ، قَالَ مَالِكٌ: يُجْزِئُهُ الْمَشْيُ الَّذِي مَشَى وَيَجْعَلُهَا عُمْرَةً، وَيَمْشِي حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ قَابِلًا رَاكِبًا، وَالْهَدْيُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ حَنِثَ فَلَزِمَهُ الْمَشْيُ فَخَرَجَ فَمَشَى فَعَجَزَ ثُمَّ رَكِبَ وَجَعَلَهَا عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ قَابِلًا لِيَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَلِيَرْكَبَ مَا مَشَى فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا قَابِلًا حَجَّةً أَلَهُ ذَلِكَ أَمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا إلَّا عُمْرَةً أَيْضًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ فِي عُمْرَةٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يَجْعَلُ الْمَشْيَ الثَّانِي إنْ شَاءَ حَجًّا وَإِنْ شَاءَ عُمْرَةً، وَلَا يُبَالِي وَإِنْ خَالَفَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَذَرَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ فِي حَجٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الثَّانِي فِي عُمْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ نَذَرَهُ فِي عُمْرَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَجْعَلَ الْمَشْيَ الثَّانِي فِي الْحَجِّ، قَالَ وَهَذَا الَّذِي قَالَ لِي مَالِكٌ، قُلْت لَهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَشْيَ الثَّانِي وَلَا الْأَوَّلَ فِي فَرِيضَةٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ مَشَى حِينَ حَنِثَ فَعَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ فَرَكِبَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ قَابِلٍ لِيَقْضِيَ مَا رَكِبَ فِيهِ مَاشِيًا فَقَوِيَ عَلَى أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ، أَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ أَوْ يَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَيَرْكَبَ مَا مَشَى قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَيَرْكَبَ مَا مَشَى، قَالَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ فَحَنِثَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ الْمَشْيِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَمْشِي مَا أَطَاقَ وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، قُلْت: فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا هَذَا الْحَالِفُ فَحَنِثَ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ مَرِيضًا قَدْ يَئِسَ مِنْ الْبُرْءِ فَسَبِيلُهُ سَبِيلَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَرِضَ مَرَضًا يَطْمَعُ بِالْبُرْءِ مِنْهُ وَهُوَ مِمَّنْ لَوْ صَحَّ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ لَيْسَ بِشَيْخٍ كَبِيرٍ وَلَا امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ فَلْيَنْتَظِرْ حَتَّى إذَا بَرَأَ أَوْ صَحَّ مَشَى، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ أَنَّهُ وَإِنْ بَرَأَ وَصَحَّ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَمْشِيَ أَصْلًا الطَّرِيقَ كُلَّهُ، فَلْيَمْشِ مَا أَطَاقَ ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رَأْيِي قُلْت: أَرَأَيْت إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ فَرَكِبَ كَيْفَ يُحْصِي مَا رَكِبَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، أَيُحْصِي عَدَدَ الْأَيَّامِ أَمْ يُحْصِي ذَلِكَ فِي سَاعَاتِ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، أَمْ يَحْفَظُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا مِنْ الْأَرْضِ، فَإِذَا رَجَعَ ثَانِيَةً مَشَى مَا رَكِبَ وَرَكِبَ مَا مَشَى؟

قَالَ: إنَّمَا يَأْمُرُ مَالِكٌ بِأَنْ يَحْفَظَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي فَإِنْ عَادَ ثَانِيَةً مَشَى تِلْكَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا، قُلْت: وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَمْشِيَ يَوْمًا وَيَرْكَبَ يَوْمًا، أَوْ يَمْشِيَ أَيَّامًا وَيَرْكَبَ أَيَّامًا فَإِذَا عَادَ ثَانِيَةً قَضَى عَدَدَ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا؟

قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ، لِأَنَّ هَذَا إذَا كَانَ هَكَذَا يُوشِكُ أَنْ يَمْشِيَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>