للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي نُدْبَةِ الْإِمَامِ إلَى الْقِتَالِ بِجُعْلٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْإِمَامُ مَنْ يُقَاتِلُ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ يَقْتُلُ مِنْ الْعَدُوِّ رَجُلًا وَجَاءَ بِرَأْسِهِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، أَوْ بَعَثَ سَرِيَّةً فِي وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَقَالَ مَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَلَكُمْ نِصْفُهُ؟

قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ هَذَا كَرَاهَةً شَدِيدَةً، وَيَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ قَاتِلُوا وَلَكُمْ كَذَا وَكَذَا، وَيَقُولُ: أَكْرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ لَهُ جُعْلٌ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً أَنْ يَسْفِكَ دَمَ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ هَذَا، وَقَالَ مَالِكٌ: مَا نَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا بَرَدَ الْقِتَالُ، فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا تَقُومُ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» وَفِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ "، فَكَيْفَ يُقَالُ بِخِلَافِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَنَّ؟ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ وَلَا عَمِلَ بِهِ بَعْدَ حُنَيْنٍ، وَلَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَّ ذَلِكَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فِيمَا بَعْدَ حُنَيْنٍ، كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا ثَابِتًا قَائِمًا لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ قَوْلٌ، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ الْجُيُوشَ، فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَيْضًا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُسَارَى فِي بِلَادِ الشِّرْكِ أَوْ تُجَّارًا اسْتَعَانَ بِهِمْ صَاحِبُ تِلْكَ الْبِلَادِ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ نَاوَءُوهُ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، أَتَرَى أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُ أَمْ لَا؟

قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْأُسَارَى يَكُونُونَ فِي بِلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ الْمَلِكُ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُ عَدُوَّهُ وَيُجَاءُ بِهِمْ إلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يُقَاتِلُوا عَلَى هَذَا وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَسْفِكُوا دِمَاءَهُمْ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يُقَاتَلُ النَّاسُ لِيُدْخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ الشِّرْكِ، فَأَمَّا أَنْ يُقَاتِلُوا الْكُفَّارَ لِيُدْخِلُوهُمْ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْكُفْرِ وَيَسْفِكُوا دِمَاءَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي وَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسْفِكَ دَمَهُ عَلَى هَذَا

[فِي السُّهْمَانِ]

ِ قُلْتُ: فَكَمْ يَجِبُ لِلْفَرَسِ فِي الْغَنِيمَةِ؟ قَالَ: سَهْمَانِ لِلْفَرَسِ وَسَهْمٌ لِفَارِسِهِ عِنْدَ مَالِكٍ فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، قُلْتُ: فَالْبَرَاذِينُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَجَازَهَا الْوَالِي فَسُهْمَانُهَا كَسُهْمَانِ الْخَيْلِ لَهَا سَهْمَانِ وَلِلْفَارِسِ سَهْمٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ أَرَاجِلٌ هُوَ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَمَا أَشُكُّ أَنَّهُ رَاجِلٌ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبَعِيرَ؟

قَالَ: مَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا، وَمَا أَشُكُّ أَنَّهُ رَاجِلٌ، وَلَقَدْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِبِلِ فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ قَسَمَ إلَّا لِلْخَيْلِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَمَلُوا الْخَيْلَ مَعَهُمْ فِي السُّفُنِ فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَغَنِمُوا، بِكَمْ يُضْرَبُ لِلْفَارِسِ؟ قَالَ: يُضْرَبُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلْفَارِسِ سَهْمٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا عَسْكَرُوا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَفِيهِمْ أَصْحَابُ خَيْلٍ وَرَجَّالَةٌ فَسَرَوْا رَجَّالَةٌ فَغَنِمُوا غَنَائِمَ وَهُمْ رَجَّالَةٌ، أَيَكُونُ لِلْفَارِسِ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ بِسَهْمَيْ الْفَرَسِ وَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>