للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي لَغْوِ الْيَمِينِ وَالْيَمِينِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ الرَّجُلِ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ. أَكَانَ مَالِكٌ يَرَى ذَلِكَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ؟

قَالَ: لَا وَإِنَّمَا اللَّغْوُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ يَظُنُّ أَنَّهُ كَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَقَدْ لَقِيتُ فُلَانًا أَمْسِ وَذَلِكَ يَقِينُهُ، وَإِنَّمَا لَقِيَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا اللَّغْوُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَكُونُ اللَّغْوُ فِي طَلَاقٍ وَلَا عَتَاقٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا مَشْيٍ وَلَا يَكُونُ اللَّغْوُ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَلَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْضًا إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ لَا يَكُونُ فِي طَلَاقٍ وَلَا عَتَاقٍ وَلَا مَشْيٍ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَحْدَهَا، أَوْ نَذْرٍ لَا يُسَمِّي لَهُ مَخْرَجًا. فَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مَنْ الْأَيْمَانِ سِوَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَذَلِكَ يَقِينُهُ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مَا حَلَفَ فَإِنَّهُ حَانِثٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا يَنْفَعُهُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَثْنَى فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا فَحَنِثَ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الثِّقَةُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ ذَكَرَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا كَانَتْ تَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ {لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩] فَتَقُولُ: هُوَ الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أَحَدُكُمْ لَمْ يُرِدْ فِيهِ إلَّا الصِّدَاقَ فَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ. وَقَالَهُ مَعَ عَائِشَةَ عَطَاءٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ. وَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ عَائِشَةَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ وَمُجَاهِدٌ وَرَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمَكْحُولٌ. وَقَالَهُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ فِي الْيَمِينِ فِي هَاتَيْنِ الْيَمِينَيْنِ فَقَطْ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: وَاَللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا فَيَبْدُو لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، فَيُكَفِّرُ، وَلَا يَفْعَلُ. أَوْ يَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا فَيَبْدُو لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فَيُكَفِّرُ يَمِينَهُ وَيَفْعَلُهُ وَأَمَّا مَا سِوَى هَاتَيْنِ الْيَمِينَيْنِ مِنْ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ

وَإِنَّمَا الْأَيْمَانُ بِاَللَّهِ عِنْدَ مَالِكٍ أَرْبَعَةُ أَيْمَانٍ: لَغْوُ الْيَمِينِ، وَيَمِينٌ غَمُوسٌ، وَقَوْلُهُ: وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ وَوَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ. وَقَدْ فَسَّرْتُ لَك ذَلِكَ كُلَّهُ وَمَا يَجِبُ فِيهِ شَيْئًا شَيْئًا.

قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ غَيْلَانِ بْنِ جَرِيرٍ وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَهْطٍ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَاَللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَى بَابًا فَأَمَرَ لَنَا بِثَلَاثِ ذَوْدٍ فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلَنَا. وَاَللَّهِ لَا يُبَارَكُ لَنَا ارْجِعُوا بِنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ: مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ بَلْ اللَّهُ حَمَلَكُمْ. إنِّي وَاَللَّهِ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>