للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّلْطَانِ، وَلَيْسَ يَضْرِبُ السُّلْطَانُ لَهَا أَجَلَ الْإِيلَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا فِي هَذَا الْوَجْهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ إيلَاءٍ وَقَعَ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا أَوْ بِمَشْيٍ أَوْ بِنَذْرِ صِيَامٍ أَوْ عَتَاقَةٍ أَوْ طَلَاقِ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى أَوْ بِعِتْقِ رَقَبَةِ عَبْدِهِ أَوْ حَلَفَ لِغَرِيمٍ لَهُ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ

قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ هُوَ مُولٍ مِنْهَا مِنْ يَوْمِ حَلَفَ وَلَيْسَ مِنْ يَوْمِ تَرْفَعُهُ إلَى السُّلْطَانِ وَلَيْسَ يَحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا إذَا وَطِئَ قَبْلَ أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ فَقَدْ بَرَّ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ هُوَ وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ إلَّا الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَمْ يَفْعَلْهَا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهَا

قُلْتُ: وَمَا حُجَّتُك حِينَ قُلْت: فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهَا طَالِقٌ سَاعَتَئِذٍ، وَقَدْ قُلْت عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَيُضْرَبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ تَرْفَعُهُ إلَى السُّلْطَانِ فَلِمَ لَا تَجْعَلُ الَّذِي قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ مِثْلَ هَذَا الَّذِي قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ؟ وَمَا فَرْقُ بَيْنَهُمَا؟

قَالَ: وَلِأَنَّ الَّذِي حَلَفَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ إنْ دَخَلَ سَقَطَ عَنْهُ الطَّلَاقُ وَلِأَنَّ الَّذِي حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيُطَلِّقَنَّ لَيْسَ بِرُّهُ إلَّا فِي أَنْ يُطَلِّقَ فِي كُلِّ وَجْهٍ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ لَا بُدَّ بِأَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ مَكَانَهُ حِينَ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا الْآخَرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا كَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوَاحِدَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ؟

قَالَ: يَقَعُ عَلَيْهِ اثْنَتَانِ وَلَا يَنْوِي وَإِنَّمَا يَنْوِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ لَوْ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لِفُلَانٍ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَمَسْأَلَتُك لَا تُشْبِهُ هَذِهِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ جَوَابَك هَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ أَنْ لَا يُكَلِّمَ رَجُلًا فَبَاعَهُ فَكَلَّمَ الرَّجُلَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَقَبِلَهُ أَنَّهُ إنْ كَلَّمَ الرَّجُلَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَازِمَةٌ لَهُ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ حِينَ كَلَّمَ الرَّجُلَ وَالْعَبْدُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ وَرِثَهُ هَذَا الْحَالِفُ ثُمَّ كَلَّمَ الرَّجُلَ الَّذِي حَلَفَ بِعِتْقِ هَذَا الْعَبْدِ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ حِنْثًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا جَرَّهُ إلَيْهِ الْمِيرَاثُ

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ فَلِسَ هَذَا الْحَالِفُ فَبَاعَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا ثُمَّ أَيْسَرَ يَوْمًا مَا فَاشْتَرَاهُ قَالَ مَالِكٌ إنْ كَلَّمَهُ حَنِثَ، وَأَرَى بَيْعَ السُّلْطَانِ الْعَبْدَ فِي التَّفْلِيسِ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ السَّيِّدِ إيَّاهُ طَائِعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>