للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذَلِكَ قَالَ: امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَفَعَلَهُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ نَوَى وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا حِينَ حَلَفَ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَقَالَ: وَإِلَّا طُلِّقْنَ جَمِيعًا بِمَا حَلَفَ بِهِ وَإِنْ كَانَ نَوَى وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَنَسِيَ طُلِّقْنَ عَلَيْهِ جَمِيعًا

قُلْتُ: وَمَا حُجَّةُ مَالِكٍ فِي هَذَا؟

قَالَ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ يُخْتَارُ فِيهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِهِ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ يَسْقِي عَلَى مَائِه، فَأَقْبَلَتْ نَاقَةٌ لَهُ فَنَظَرَ إلَيْهَا مِنْ بَعِيدٍ فَقَالَ: إحْدَى امْرَأَتَيْهِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ لَمْ تَكُنْ فُلَانَةُ النَّاقَةُ لَهُ، فَأَقْبَلَتْ نَاقَةٌ غَيْرُ تِلْكَ النَّاقَةِ فَقَدِمَ الْأَعْرَابِيُّ الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ عَامِلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْمَدِينَةِ وَعُمَرُ يَوْمئِذٍ الْخَلِيفَةُ فَقَصَّ عَلَيْهِ قَضِيَّتَهُ فَأُشْكِلَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِيهَا، فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ إنْ كَانَ نَوَى وَاحِدَةً مِنْهُمَا حِينَ حَلَفَ فَهُوَ مَا نَوَى وَإِلَّا نُطَلِّقُهُمَا عَلَيْهِ جَمِيعًا

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: إحْدَاهُمَا طَالِقٌ، وَقَالَ: قَدْ نَوَيْت هَذِهِ بِعَيْنِهَا وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ حَلَفَ مِنْهُمَا أَيُصَدَّقُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثَلَاثًا فَنَسِيَهَا أَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا جَمِيعًا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا جَمِيعًا

قُلْتُ: فَهَلْ يُقَالُ لَهُ طَلِّقْ مِنْ ذِي قَبْلِ الَّتِي لَمْ يُطَلِّقْ أَوْ يُقَالُ طَلِّقْهُمَا جَمِيعًا مِنْ ذِي قَبْلُ قَالَ: وَمَا سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ هَذَا وَلَكِنَّ مَالِكًا قَالَ: تَطْلُقَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَطْلُقَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا إذَا لَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا.

قُلْتُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الطَّلَاقِ؟

قَالَ: ذَلِكَ بَاطِلٌ وَالطَّلَاقُ لَازِمٌ

[قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ]

مَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ، أَيَكُونُ هَذَا اسْتِثْنَاءً وَتُوقِعُ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا مَكَانَهُ وَلَا تَلْتَفِتُ إلَى مَشِيئَةِ فُلَانٍ أَمْ لَا؟ قَالَ لَيْسَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ مِثْلَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، إنَّمَا الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَالطَّلَاقُ فِيهِ لَازِمٌ، وَأَمَّا إذَا قَالَ: إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يُطَلِّقُ حَتَّى يَعْرِفَ أَيَشَاءُ فُلَانٌ أَمْ لَا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ مَيِّتٌ أَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا السَّاعَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ لَا أَرَى أَنْ يُطَلِّقَ؛ لِأَنَّا نَعْرِفُ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَشَاءُ قَدْ انْقَطَعَتْ مَشِيئَتُهُ وَلَا يَشَاءُ أَبَدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>