للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِكْرًا فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَيَكُونُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْبِكْرَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَإِنْ بَنَى بِهَا فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا بَنَى بِهَا فَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَهَا أَنْ تَسْكُنَ حَيْثُ شَاءَتْ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ وَالْمَوَاضِعُ السُّوءُ أَوْ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ نَفْسِهَا وَهَوَاهَا فَيَكُونُ لِلْأَبِ أَوْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَنَتْ فَحُدَّتْ أَوْ لَمْ تُحَدَّ أَيَكُونُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَمَا يُزَوِّجُ الْبِكْرَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي

قُلْتُ: فَإِنْ زَوَّجَهَا تَزْوِيجًا حَرَامًا فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَجَامَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَتَبَاعَدْ ذَلِكَ أَيَكُونُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَمَا يُزَوِّجُ الْبِكْرَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَرَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَمَا يُزَوِّجُ الْبِكْرَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا افْتَضَّهَا زَوْجٌ وَإِنْ كَانَ نِكَاحًا فَاسِدًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ نِكَاحٌ يُلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ وَيُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ قَالَ مَالِكٌ: وَتَعْتَدُّ مِنْهُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُ فِيهِ، وَجَعَلَ الْعِدَّةَ فِيهِ كَالْعِدَّةِ فِي النِّكَاحِ الْحَلَالِ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى خِلَافِ الزِّنَا فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ إيَّاهَا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْجَارِيَةَ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَيَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ يُطَلِّقُهَا بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا، فَقَالَتْ الْجَارِيَةُ مَا جَامَعَنِي وَكَانَ الزَّوْجُ أَقَرَّ بِجِمَاعِهَا أَيَكُونُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَمَا يُزَوِّجُ الْبِكْرَ ثَانِيَةً أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيَدْخُلُ بِهَا وَيُقِيمُ مَعَهَا، ثُمَّ يُفَارِقُهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتَرْجِعَ إلَى أَبِيهَا أَهِيَ فِي حَالِ الْبِكْرِ فِي تَزْوِيجِهِ إيَّاهَا ثَانِيَةً أَمْ لَا يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا إلَّا بِرِضَاهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الَّتِي قَدْ طَالَتْ إقَامَتُهَا مَعَ زَوْجِهَا وَشَهِدَتْ مَشَاهِدَ النِّسَاءِ، فَإِنَّ تِلْكَ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا زَوْجُهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْقَرِيبُ فَإِنِّي أَرَى لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ فَالسَّنَةُ؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُزَوِّجَهَا وَأَرَى أَنَّ السَّنَةَ طُولُ إقَامَةٍ، فَمَسْأَلَتُك هَكَذَا إذَا أَقَرَّتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا وَكَانَ أَمْرًا قَرِيبًا جَازَ إنْكَاحُ الْأَبِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ أَنَا بِكْرٌ وَتُقِرُّ بِأَنَّ صَنِيعَ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَيْهَا، وَلَا يَضُرُّهَا مَا قَالَ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ طَالَتْ إقَامَتُهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا أَقَرَّتْ بِالْوَطْءِ أَوْ لَمْ تُقِرَّ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ الَّتِي قَدْ مَلَكَتْ أَمْرَهَا إذَا خَافَ الْأَبُ عَلَيْهَا الْفَضِيحَةَ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ الْوَلِيُّ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَضُمَّهَا إلَيْهِ وَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَنْضَمَّ إلَيْهِ؟

قَالَ: نَعَمْ تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلِلْوَلِيِّ أَوْ الْأَبِ أَنْ يَضُمَّاهَا إلَيْهِمَا وَهَذَا رَأْيِي

قُلْتُ: أَرَيْت إذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ أَيَكُونُ لِلْوَالِدِ أَنْ يَمْنَعَهُ أَنْ يَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَ وَلَيْسَ لِلْوَالِدِ أَنْ يَمْنَعَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ نَاحِيَتِهِ سَفَهًا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>