للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ وَأَبَى الْوَلِيُّ؟ قَالَ: يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ وَلَا يَنْظُرُ إلَى قَوْلِ الْأَبِ وَالْوَلِيِّ إذَا رَضِيَتْ بِهِ وَكَانَ كُفُؤًا فِي دِينِهِ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ كُفُؤًا فِي الدِّينِ وَلَمْ يَكُنْ كُفُؤًا فِي الْمَالِ، فَرَضِيَتْ بِهِ وَأَبَى الْوَلِيُّ أَنْ يَرْضَى، أَيُزَوِّجُهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا أَنِّي سَأَلْت مَالِكًا عَنْ نِكَاحِ الْمَوَالِي فِي الْعَرَبِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَلَا تَرَى إلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَضِيَتْ بِعَبْدٍ وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ وَأَبَى الْأَبُ أَوْ الْوَلِيُّ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ أَيُزَوِّجُهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُك. قَالَ: وَلَقَدْ قِيلَ لِمَالِكٍ إنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَرَّقُوا بَيْنَ عَرَبِيَّةٍ وَمَوْلًى، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ إعْظَامًا شَدِيدًا، وَقَالَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُمْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ لِقَوْلِ اللَّهِ فِي التَّنْزِيلِ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ الْعَبْدُ وَمِثْلُهُ إذَا دُعِيَتْ إلَيْهِ إذَا كَانَتْ ذَاتَ الْمَنْصِبِ وَالْمَوْضِعِ وَالْقَدْرِ مِمَّا يَكُونُ الْوَلِيُّ فِي مُخَالَفَتِهَا عَاضِلًا؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ مَنَاكِحَ قَدْ عُرِفَتْ لَهُمْ وَعُرِفُوا بِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبِكْرَ إذَا خُطِبَتْ إلَى أَبِيهَا فَامْتَنَعَ الْأَبُ مِنْ إنْكَاحِهَا أَوَّلَ مَا خُطِبَتْ إلَيْهِ، وَقَالَتْ الْجَارِيَةُ وَهِيَ بَالِغَةٌ زَوِّجْنِي فَأَنَا أُحِبُّ الرِّجَالَ، وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ أَيَكُونُ رَدُّ الْأَبِ الْخَاطِبَ الْأَوَّلَ إعْضَالًا لَهَا وَتَرَى لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا أَبَى الْأَبُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى إنْ عُرِفَ عَضْلُ الْأَبِ إيَّاهَا وَضَرُورَتُهُ إيَّاهَا لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مَنْعُهُ ذَلِكَ نَظَرًا إلَيْهَا رَأَيْت السُّلْطَانَ إنْ قَامَتْ الْجَارِيَةُ بِذَلِكَ وَطَلَبَتْ نِكَاحَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْأَبَ. إنَّمَا هُوَ مُضَارٌّ فِي رَدِّهِ وَلَيْسَ بِنَاظِرٍ لَهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فِيهِ ضَرَرًا لَمْ يَهْجُمْ السُّلْطَانُ عَلَى ابْنَتِهِ فِي إنْكَاحِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الضَّرَرُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبِكْرَ إذَا رَدَّ الْأَبُ عَنْهَا خَاطِبًا وَاحِدًا أَوْ خَاطِبَيْنِ، وَقَالَتْ الْجَارِيَةُ فِي أَوَّلِ مَنْ خَطَبَهَا لِلْأَبِ زَوِّجْنِي فَإِنِّي أُرِيدُ الرِّجَالَ وَأَبَى الْأَبُ، أَيَكُونُ الْأَبُ فِي أَوَّلِ خَاطِبٍ رَدَّ عَنْهَا مُعْضِلًا لَهَا؟

قَالَ: أَرَى أَنَّهُ لَيْسَ يُكْرَهُ الْآبَاءُ عَلَى إنْكَاحِ بَنَاتِهِمْ الْأَبْكَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُضَارًّا أَوْ مُعْضِلًا لَهَا فَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَرَادَتْ الْجَارِيَةُ النِّكَاحَ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَقُولُ لَهُ إمَّا أَنْ تُزَوِّجَ وَإِمَّا زَوَّجْتُهَا عَلَيْك، قُلْتُ: وَلَيْسَ فِي هَذَا عِنْدَك حَدٌّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي رَدِّ الْأَبِ عَنْهَا الْخَاطِبَ الْوَاحِدَ أَوْ الِاثْنَيْنِ؟

قَالَ: لَا نَعْرِفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا حَدًّا إلَّا أَنْ نَعْرِفَ ضَرُورَتَهُ وَإِعْضَالَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>