للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِسْكِينَةُ تَكُونُ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي لَا سُلْطَانَ فِيهَا، فَإِنَّهُ رُبَّ قُرًى لَيْسَ فِيهَا سُلْطَانٌ فَتُفَوِّضُ أَمْرَهَا إلَى رَجُلٍ لَا بَأْسَ بِحَالِهِ أَوْ يَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ السُّلْطَانُ، فَتَكُونُ دَنِيئَةً لَا خَطْبَ لَهَا كَمَا وَصَفْت لَك، قَالَ مَالِكٌ: فَلَا بَأْسَ أَنْ تَسْتَخْلِفَ عَلَى نَفْسِهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا وَيَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَرِجَالٌ مِنْ الْمَوَالِي يَأْخُذُونَ صِبْيَانًا مِنْ صِبْيَانِ الْعَرَبِ مِنْ الْأَعْرَابِ تُصِيبُهُمْ السَّنَةُ فَيَكْفُلُونَ لَهُمْ صِبْيَانَهُمْ وَيُرَبُّونَهُمْ حَتَّى يَكْبَرُوا، فَتَكُونُ فِيهِمْ الْجَارِيَةُ فَيُرِيدُ أَنْ يُزَوِّجَهَا قَالَ: أَرَى أَنَّ تَزْوِيجَهُ عَلَيْهَا جَائِزٌ، قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَنْظُرُ لَهَا مِنْهُ فَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ لَهَا مَالٌ وَغِنًى وَقَدْرٌ فَإِنَّ تِلْكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَّا الْأَوْلِيَاءُ أَوْ السُّلْطَانُ قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً لَهَا قَدْرٌ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَوَّضَتْ أَمْرَهَا إلَى رَجُلٍ فَرَضِيَ الْوَلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ، أَتَرَى أَنْ يَثْبُتَا عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ فَوَقَفَ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَاهُ جَائِزًا إذَا كَانَ قَرِيبًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: دُخُولُهُ وَغَيْرُ دُخُولِهِ سَوَاءٌ إذَا أَجَازَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ جَازَ كَمَا أَخْبَرْتُك وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ وَكَانَ بِحَدَثَانِ دُخُولِهِ رَأَيْتُ ذَلِكَ لَهُ مَا لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ مَعَهَا وَتَلِدُ مِنْهُ أَوْلَادًا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ صَوَابًا جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْسَخْ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ عُقْدَةُ غَيْرِ وَلِيٍّ، وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الرُّوَاةِ مِثْلَ مَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ جَازَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَخْلَفَتْ امْرَأَةٌ عَلَى نَفْسِهَا رَجُلًا فَزَوَّجَهَا وَلَهَا وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا أَقْعَدُ بِهَا مِنْ الْآخَرِ، فَلَمَّا عَلِمَا أَجَازَ النِّكَاحَ أَبْعَدُهُمَا وَأَبْطَلَهُ أَقْعَدُهُمَا بِهَا؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ إجَازَةُ الْأَبْعَدِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الْأَقْعَدِ وَإِلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَصْمُ دُونَ الْأَبْعَدِ قُلْتُ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، قُلْتُ: لِمَ أَبْطَلْتَ هَذَا النِّكَاحَ وَقَدْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ وَأَنْتَ تَذْكُرُ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ: إنْ عَقَدَهَا الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ وَكَرِهَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ الْأَقْعَدُ أَنَّ الْعُقْدَةَ جَائِزَةٌ؟

قَالَ: لَا يُشْبِهُ هَذَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ نِكَاحًا عَقَدَهُ الْوَلِيُّ فَكَانَتْ الْعُقْدَةُ جَائِزَةً، وَهَذَا نِكَاحٌ عَقَدَهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فَإِنَّمَا يَكُونُ فَسْخُهُ بِيَدِ أَقْعَدِ الْأَوْلِيَاءِ بِهَا لَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى أَبْعَدِ الْأَوْلِيَاءِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ السُّلْطَانُ إلَى قَوْلِ أَقْعَدِهِمَا إنْ أَجَازَهُ أَوْ فَسَخَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ اسْتَخْلَفَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَلَهَا وَلِيٌّ غَائِبٌ وَوَلِيٌّ حَاضِرٌ وَالْغَائِبُ أَقْعَدُ بِهَا مِنْ الْحَاضِرِ، فَقَامَ يَفْسَخُ نِكَاحَهَا هَذَا الْحَاضِرُ وَهُوَ أَبْعَدُ إلَيْهَا مِنْ الْغَائِبِ؟ قَالَ: يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ غِيبَةُ الْأَقْعَدِ قَرِيبَةً انْتَظَرَهُ وَلَمْ يُعَجِّلْ وَبَعَثَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ غِيبَتُهُ بَعِيدَةً نَظَرَ فِيمَا ادَّعَى هَذَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي كَانَ يُجِيزُهَا الْوَلِيُّ، أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَائِبُ حَاضِرًا أَجَازَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>