للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلٌ أَذِنَ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لِقَوْمٍ خَطَبَ إلَيْهِمْ الْعَبْدُ مُوَلَّاتَهُمْ أَوْ جَارِيَتِهِمْ فَإِنَّ الصَّدَاقَ عَلَى الْعَبْدِ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ وَلِيدَةً، فَلَا يَجُوزُ صَدَاقُهَا إلَّا فِيمَا بَلَغَ ثُلُثَ ثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَمَا سَمَّى لَهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ فَرَّطَ حِين أَذِنَ فِي النِّكَاحِ فَحُرْمَتُهَا أَعْظَمُ مِمَّا عَسَى أَنْ يُصْدِقَ الْعَبْدُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ، أَيَكُونُ الْمَهْرُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ فِي رَقَبَتِهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْمَهْرُ فِي ذِمَّتِهِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، أَيَكُونُ الْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ الْمَهْرَ الَّذِي دَفَعَهُ الْعَبْدُ إلَيْهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ لَهَا قَدْرَ رُبْعِ دِينَارٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ، هَلْ تَتْبَعُهُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بِالْمَهْرِ الَّذِي سَمَّى لَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فِي رَأْيِي إنْ كَانَ دَخَلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ السُّلْطَانُ أَبْطَلَهُ عَنْهُ، وَإِنْ أَبْطَلَهُ الْعَبْدُ أَيْضًا فَهُوَ بَاطِلٌ قُلْتُ: وَلِمَ قُلْتُ: إذَا أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ عَنْهُ ثُمَّ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي رَأْيِك وَعَلَى مَا قُلْته؟

قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعَبْدِ إذَا اسْتَدَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَنَّ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَفْسَخَهُ السُّلْطَانُ قُلْتُ: فَإِذَا فَسَخَهُ السُّلْطَانُ، ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَيَبْطُلُ الدَّيْنُ عَنْهُ بِفَسْخِ السُّلْطَانِ ذَلِكَ الدَّيْنَ عَنْهُ؟

قَالَ: كَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ قُلْتُ: أَرَأَيْت كُلَّمَا لَزِمَ ذِمَّةَ الْعَبْدِ أَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ الْعَبْدِ بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ السَّيِّدُ خَرَاجَهُ مِنْ الْعَبْدِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ خَرَاجٌ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُمْ مِنْ خَرَاجِ الْعَبْدِ شَيْءٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا مِنْ الَّذِي يَبْقَى فِي يَدَيْ الْعَبْدِ بَعْدَ خَرَاجِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ فِي مَالٍ إنْ وُهِبَ لِلْعَبْدِ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ الْعَبْدُ، فَأَمَّا عَمَلُهُ فَلَيْسَ لَهُمْ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ دَيْنُهُمْ الَّذِي صَارَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْعَبْدِ إنْ طَرَأَ لِلْعَبْدِ مَالٌ يَوْمًا مَا بِحَالِ مَا وَصَفْت لَك، وَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ يَوْمًا مَا كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ يُتْبَعُ بِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكُلُّ دَيْنٍ لَحِقَ الْعَبْدَ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَهَذَا الَّذِي يَكُونُ فِي الْمَالِ فِي يَدَيْهِ أَوْ كَسَبَهُ مِنْ تِجَارَةٍ بِحَالِ مَا وَصَفْت لَك وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ وَخَرَاجِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ دَيْنٌ ضَرَبَ بِدَيْنِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ إذَا اشْتَرَتْهُ امْرَأَتُهُ وَقَدْ بَنَى بِهَا كَيْفَ بِمَهْرِهَا وَعَلَى مَنْ يَكُونُ مَهْرُهَا؟ قَالَ: عَلَى الْعَبْدِ قُلْتُ: وَلَا يَبْطُلُ؟

قَالَ: لَا يَبْطُلُ وَهَذَا رَأْيِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي امْرَأَةٍ دَايَنَتْ عَبْدًا أَوْ رَجُلٍ دَايَنَ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَعَلَيْهِ دَيْنُهُ ذَلِكَ أَنَّ دَيْنَهُ لَا يَبْطُلُ، فَكَذَلِكَ مَهْرُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا لَمْ يَبْطُلْ دَيْنُهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا، أَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>