للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيُحْصِنُهَا؟ قَالَ: لَا.

قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الصَّبِيَّ إذَا بَنَى بِامْرَأَةٍ وَجَامَعَهَا، هَلْ يَجِبُ بِجِمَاعِهَا الْمَهْرُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ صَالَحَهَا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْخَصِيَّ الْقَائِمَ الذَّكَرِ هَلْ يُحْصَنُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ: هُوَ نِكَاحٌ وَهُوَ يُغْتَسَلُ مِنْهُ وَيُقَامُ فِيهِ الْحَدُّ وَإِذَا تَزَوَّجَ وَجَامَعَ فَذَلِكَ إحْصَانٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَجْبُوبَ وَالْخَصِيَّ هَلْ يُحْصِنَانِ الْمَرْأَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَضِيَتْ بِأَنْ تَتَزَوَّجَ مَجْبُوبًا أَوْ خَصِيًّا قَائِمَ الذَّكَرِ فَهُوَ وَطْءٌ يَجِبُ فِيهِ الصَّدَاقُ وَيَجِبُ بِوَطْءِ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ الْحَدُّ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَجِمَاعُهُ فِي النِّكَاحِ إحْصَانٌ وَهُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ إنْ لَمْ تَعْلَمْ، وَإِنْ عَلِمَتْ فَرَضِيَتْ فَوَطِئَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا فَهُوَ نِكَاحٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْت الْمَجْبُوبَ هَلْ يُحْصِنُهَا؟

قَالَ: لَا يُحْصِنُهَا إلَّا الْوَطْءُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْمَجْبُوبُ لَا يَطَأُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ هَلْ يُحْصِنُ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ امْرَأَةً تَزَوَّجَتْ خَصِيًّا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ أَنَّهُ خَصِيٌّ، فَكَانَ يَطَؤُهَا، ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ خَصِيٌّ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ، أَيَكُونُ وَطْؤُهُ ذَلِكَ إحْصَانًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَاهُ إحْصَانًا لَهُ وَلَا لَهَا وَلَا يَكُونُ الْإِحْصَانُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا مَا يُقَامُ عَلَيْهِ وَلَا خِيَارَ فِيهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَصَابَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِأَنَّهُ خَصِيٌّ انْقَطَعَ خِيَارُهَا وَوَجَبَ عَلَيْهَا الْإِحْصَانُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ.

يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَسْأَلُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ هَلْ تُحْصِنُ الْأَمَةُ الْحُرَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ عَمَّنْ تَرْوِي هَذَا؟ فَقَالَ: أَدْرَكْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُونَ ذَلِكَ.

يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ يُحْصَنُ الْحُرُّ بِالْمَمْلُوكَةِ وَتُحْصَنُ الْحُرَّةُ بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ ذَلِكَ تَزْوِيجًا تَجْرِي فِيهِ الْعِدَّةُ وَالرِّدَّةُ وَالصَّدَاقُ وَعِدَّةُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنْ النِّسَاءِ.

يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: إنَّ الْأَمَةَ تُحْصِنُ الْحُرَّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ} [النور: ٣٢] فَبِذَلِكَ كَانَ يَرَى أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ إحْصَانٌ.

ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَبُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُهُ.

ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْهَدِيرِ وَكَانَ شَيْخًا قَدِيمًا مَرِيضًا وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَابْنِ قُسَيْطٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الْحُرُّ يُحْصِنُهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالْعَبْدُ يُحْصِنُ بِنِكَاحِهِ الْحُرَّةَ.

مَخْرَمَةُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>