للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا وَتُرِكَتْ حَتَّى تَحِيضَ، فَإِنْ اخْتَارَتْ دِينَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَكَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَإِذَا أَسْلَمَ أَبَوَاهَا وَقَدْ رَاهَقَتْ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى الْإِسْلَامِ إذَا حَاضَتْ إنْ اخْتَارَتْ دِينَهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْغُلَامُ؟

قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ مُرَاهِقًا أَوْ عَقَلَ دِينَهُ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً إذَا أَسْلَمَ أَبُوهُ فَلَا يُعْرَضُ لَهُ فَإِذَا احْتَلَمَ كَانَ عَلَى دِينِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ.

قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَلَهُ وُلْدٌ قَدْ نَاهَزُوا الْحُلُمَ وَلَمْ يَحْتَلِمُوا بَنُو ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَمَا أَشْبَهَهُمْ، ثُمَّ هَلَكَ، كَيْفَ تَرَى فِي وَلَدِهِ، كَتَبَ إلَى مَالِكٍ بِهَذَا عَامِلٌ مِنْ الْأَجْنَادِ فَكَتَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنْ أَرْجِئْ مَالَهُ فَإِنْ احْتَلَمَ الْأَوْلَادُ فَأَسْلَمُوا فَأَعْطِهِمْ الْمِيرَاثَ وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا إذَا احْتَلَمُوا وَثَبَتُوا عَلَى دِينِهِمْ فَلَا تَعْرِضْ لَهُمْ وَدَعْهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَاجْعَلْ مِيرَاثَ أَبِيهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَكَتَبَ إلَى مَالِكٍ أَيْضًا وَأَنَا عِنْدَهُ قَاعِدٌ مِنْ بَلَدِ آخَرَ فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ وَلَهُ وُلْدٌ صِغَارٌ فَأَقَرَّهُمْ أَبُوهُمْ حَتَّى بَلَغُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ. فَأَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا أَتَرَى أَنْ يُجْبَرُوا عَلَى الْإِسْلَامِ؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ لَا تُجْبِرْهُمْ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يُجْبَرُوا وَهُمْ مُسْلِمُونَ وَهُوَ أَكْثَرُ مَذَاهِبِ الْمَدَنِيِّينَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْت هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَلَكَ وَالِدُهُمْ وَقَدْ أَسْلَمَ وَقَدْ عَقَلُوا دِينَهُمْ أَوْ رَاهَقُوا فَقَالُوا حِينَ مَاتَ أَبُوهُمْ مُسْلِمًا لَا تُوقِفُوا عَلَيْنَا هَذَا الْمَالَ إلَى احْتِلَامِنَا وَلَكِنْ نُسْلِمُ السَّاعَةَ وَادْفَعُوا إلَيْنَا أَمْوَالَنَا وَوَرِّثُونَا.

قَالَ: إذَا أَسْلَمُوا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمُوا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ حَتَّى يَحْتَلِمُوا وَإِنْ أَسْلَمُوا أَوْ أَجَابُوا كَانَ لَهُمْ الْمِيرَاثُ، وَإِنْ أَبَوْا تُرِكُوا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الَّذِي مَاتَ وَتَرَكَ بَنِينَ حَزَاوِرَةً يُوقَفُ الْمَالُ وَلَمْ يَقُلْ يُعْرَضْ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامُ، فَلَوْ كَانَ يَرَى لَهُمْ الْمِيرَاثَ بِذَلِكَ الْإِسْلَامِ لَعَرَضَهُ عَلَيْهِمْ وَيُعَجِّلُ الْمِيرَاثَ لَهُمْ وَلَمْ يُؤَخِّرْ الْمَالَ وَيُوقِفْهُ عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَرَ ذَلِكَ إسْلَامًا، أَوَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ لِي لَوْ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا ثُمَّ رَجَعُوا إلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَرَأَى أَنَّهُمْ يُسْتَكْرَهُوا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَرَ أَنْ يُقْبَلُوا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إسْلَامًا قَبِلَهُمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالُوا وَقَدْ عَقَلُوا دِينَهُمْ وَرَاهَقُوا وَقَالُوا حِينَ مَاتَ أَبُوهُمْ مُسْلِمًا لَا نُسْلِمُ وَنَحْنُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ، أَيَكُونُونَ نَصَارَى أَوْ يَكُونُ الْمَالُ فَيْئًا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ؟

قَالَ: لَا يَنْظُرُ فِي قَوْلِهِمْ إنْ قَالُوا هَذَا قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمُوا فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِيرَاثُهُمْ إذَا احْتَلَمُوا أَوْ أَسْلَمُوا وَلَا بُدَّ أَنْ يُوقَفَ الْمَالُ حَتَّى يَحْتَلِمُوا، وَإِنْ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا لَوْ رَأَى إلَى قَوْلِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمُوا نَحْنُ نَصَارَى مِمَّا يَقْطَعُ مِيرَاثَهُمْ، لَمْ يُوقِفْ الْمَالَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَحْتَلِمُوا وَلَقَالَ يُعْرَضُ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامُ فَكَأَنَّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمُوا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ وَلَدٍ لِهَذَا النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَ وَوَلَدُهُ صِغَارٌ بَنُو خَمْسِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَعْقِلُوا دِينَهُمْ النَّصْرَانِيَّةَ فَهُمْ مُسْلِمُونَ وَلَهُمْ الْمِيرَاثُ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ إنَّهُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>