للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْلَةً، ثُمَّ أَرَادَ ارْتِجَاعَهَا فَقَالَتْ قَدْ حِضْتُ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَأَنَا الْيَوْمَ حَائِضٌ لَمْ أَطْهُرْ مِنْ الثَّالِثَةِ، فَاخْتَصَمَا إلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَلَمْ يُرْجِعْهَا إلَيْهِ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى أَنْ تُسْتَحْلَفَ إذَا كَانَ مَا ادَّعَتْ تَحِيضُ فِي مِثْلِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ قَالَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ أُسْقِطْت وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي وَجْهِ ذَلِكَ أَنْ يُصَدَّقْنَ النِّسَاءُ فِي ذَلِكَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَقَلَّ مِنْ امْرَأَةٍ تُسْقِطُ إلَّا وَجِيرَانُهَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْلِ الْجِيرَانِ وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيمَا قَالَتْ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْذَبَهَا الزَّوْجُ، يَكُونُ عَلَيْهَا الْيَمِينُ فِي أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَيْسَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا يَمِينٌ وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيمَا قَالَتْ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُنَّ مَأْمُونَاتٌ عَلَى فُرُوجِهِنَّ وَلَوْ رَجَعَتْ وَصَدَّقَتْ الزَّوْجَ بِمَا قَالَ لَمْ تُصَدَّقْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَهُمَا يَدَّعِيَانِ مَا يَرُدُّهَا إلَيْهِ بِلَا صَدَاقٍ وَلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ مِنْ وَلِيٍّ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَاعِيَةً إلَى أَنْ تُزَوِّجَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَلَا وَلِيٍّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْقَطَتْ سَقْطًا لَمْ يَتَبَيَّنْ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، أَسْقَطَتْهُ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً أَوْ عَظْمًا أَوْ دَمًا أَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا أَتَتْ بِهِ النِّسَاءُ مِنْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ أَوْ شَيْءٍ يُسْتَيْقَنُ أَنَّهُ وَلَدٌ فَإِنَّهُ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَكُونُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا فَقَالَتْ قَدْ أُسْقِطْت وَقَالَ الزَّوْجُ لَمْ تُسْقِطِي وَلِي عَلَيْكِ الرَّجْعَةُ؟ قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَهَذَا السَّقْطُ لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى النِّسَاءِ وَلَا جِيرَانِهَا، وَلَكِنْ قَدْ جَعَلَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْقَوْلَ قَوْلَهَا.

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا فَتَزْعُمُ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ قَالَ: يَسْأَلُ النِّسَاءَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ كُنَّ يَحِضْنَ لِذَلِكَ وَيَطْهُرْنَ لَهُ كَانَتْ فِيهِ مُصَدَّقَةً.

قُلْتُ لِغَيْرِهِ أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَقَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَحِضْتُ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَخْبَرْتِنِي أَمْسُ بِأَنَّكِ لَمْ تَحِيضِي شَيْئًا، فَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ، هَلْ يُقِرُّهَا مَعَهُ وَيُصَدِّقُهَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي؟

قَالَ: لَا، وَهُوَ مِمَّا وَصَفْتُ لَكَ أَنَّهُ دَاعِيَةٌ إلَى أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ لِلَّذِي ظَهَرَ أَنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ أَنَّهَا قَالَتْ بِالْأَمْسِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَيَّامِ بِمِثْلِ مَا لَا تَحِيضُ فِيهِ ثَلَاثَ حِيَضٍ إلَى هَذَا الْيَوْمِ لَمْ تُصَدَّقْ الْمَرْأَةُ بِمَا ادَّعَتْ مِنْ أَنَّ حِيَضَهَا قَدْ انْقَضَيْنَ عَنْهَا، وَكَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ بِهَا مِنْ الْأَيَّامِ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي قَالَتْ إنِّي لَمْ أَحِضْ شَيْئًا وَقَامَتْ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ إلَى أَنْ يَمْضِيَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَدَدُ أَيَّامٍ يُحَاضُ فِي مِثْلِهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا إنِّي قَدْ حِضْتُ ثَلَاثَ حِيَضٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>