للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّهَا سَمِعْتُ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَ: أَرَاهُ فُلَانًا لِعَمٍّ لِحَفْصَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كَانَ فُلَانٌ لِعَمٍّ لَهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ حَيًّا دَخَلَ عَلَيَّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ إنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ» ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ وَابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عَمَّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ يُسَمَّى أَفْلَحَ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا فَحَجَبَتْهُ، فَأَخْبَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهَا: «لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ»

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ فِي حُرْمَةِ الرَّضَاعَةِ.

[حُرْمَةِ لَبَنِ الْبِكْرِ وَالْمَرْأَةِ الْمَيْتَةِ]

فِي حُرْمَةِ لَبَنِ الْبِكْرِ وَالْمَرْأَةِ الْمَيْتَةِ

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَبَنَ الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ الَّتِي لَمْ تُنْكَحْ قَطُّ إنْ أَرْضَعَتْ بِهِ صَبِيًّا أَتَقَعُ الْحُرْمَةُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ تَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ، قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي قَدْ كَبِرَتْ وَأَسَنَّتْ: إنَّهَا إنْ دَرَّتْ فَأَرْضَعَتْ فَهِيَ أُمٌّ، فَكَذَلِكَ الْبِكْرُ، قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَرْضَعَ صَبِيَّةً وَدَرّ عَلَيْهَا، قَالَ مَالِكٌ: وَيَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَدْ كَانَ، قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَاهُ يُحَرِّمُ وَإِنَّمَا أَسْمَعُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] فَلَا أَرَى هَذَا أُمًّا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَبَنَ الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا، أَيَكُونُ رَضَاعُهَا رَضَاعًا إذَا أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّ ذَلِكَ رَضَاعٌ وَتَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ لَبَنَ النِّسَاءِ يُحَرِّمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَحْلُبُ مِنْ ثَدْيِهَا لَبَنًا فَتَمُوتُ فَيُوجَرُ بِذَلِكَ اللَّبَنِ صَبِيٌّ أَتَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ تَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَبَنٌ وَلَبَنُهَا فِي حَيَاتِهَا، وَمَوْتِهَا سَوَاءٌ تَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَاللَّبَنُ لَا يَمُوتُ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ فَحُلِبَ مِنْ ثَدْيهَا لَبَنٌ وَهِيَ مَيْتَةٌ فَأُوجِرَ بِهِ صَبِيٌّ، أَتَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَبَنُهَا فِي حَيَاتِهَا وَمَوْتِهَا سَوَاءٌ تَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَاللَّبَنُ لَا يَمُوتُ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ دَبَّ صَبِيٌّ إلَى امْرَأَةٍ وَهِيَ مَيْتَةٌ فَرَضَعَهَا وَقَعَتْ بِهِ الْحُرْمَةُ؟

قَالَ: نَعَمْ إذَا عُلِمَ أَنَّ فِي ثَدْيِهَا اللَّبَنَ وَأَنَّهُ قَدْ رَضَعَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ اللَّبَنَ فِي ضُرُوعِ الْمَيْتَةِ أَيَحِلُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَحِلُّ.

قُلْتُ: فَكَيْفَ أَوْقَعْتَ الْحُرْمَةَ بِلَبَنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمَيْتَةِ وَلَبَنُهَا لَا يَحِلُّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حُلِبَ مِنْ ثَدْيِهَا وَهِيَ مَيْتَةٌ لَمْ يَصْلُحْ لِكَبِيرٍ أَنْ يَشْرَبَهُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>