للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَكَفَّرَ عَنْ ظِهَارِهِ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا؟

قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] فَالْعَوْدَةُ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ كَفَّرَ بِمَا قَالَ اللَّهُ، وَإِذَا سَقَطَ مَوْضِعُ الْإِرَادَةِ لِلْوَطْءِ لِمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَرْجِ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفَّارَةِ مَوْضِعٌ، وَإِنْ كَفَّرَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَفَّرَ عَنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُهُ.

[أَكَلَ أَوْ جَامَعَ فِي صِيَامِ الظِّهَارِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا]

فِيمَنْ أَكَلَ أَوْ جَامَعَ فِي صِيَامِ الظِّهَارِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ صَامَ عَنْ ظِهَارِهِ فَأَكَلَ فِي يَوْمٍ مِنْ صِيَامِهِ ذَلِكَ نَاسِيًا؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ يَقْضِي هَذَا الْيَوْمَ وَيَصِلُهُ بِالشَّهْرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ اسْتَأْنَفَ الشَّهْرَيْنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَامَ عَنْ ظِهَارِهِ فَغَصَبَهُ قَوْمٌ نَفْسَهُ فَصَبُّوا فِي حَلْقِهِ الْمَاءَ، أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ الصَّوْمُ عَنْ ظِهَارِهِ؟

قَالَ: أَرَى أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا وَيَصِلَهُ إلَى الشَّهْرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ اسْتَأْنَفَ الشَّهْرَيْنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ يَصُومُ عَنْ أُخْرَى مِنْ ظِهَارِهِ نَاسِيًا نَهَارًا؟

قَالَ: هَذَا يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَ هَذَا الْيَوْمِ وَيَصِلُهُ بِالشَّهْرَيْنِ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ ذَلِكَ فِي الَّذِي يَأْكُلُ نَاسِيًا وَهُوَ يَصُومُ عَنْ ظِهَارِهِ: إنَّهُ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَ هَذَا الْيَوْمِ وَيَصِلُهُ بِالشَّهْرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ بِالشَّهْرَيْنِ اسْتَأْنَفَ الشَّهْرَيْنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَامَ عَنْ ظِهَارِهِ شَهْرًا ثُمَّ جَامَعَ امْرَأَتَهُ نَاسِيًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، أَيُجْزِئُهُ صَوْمُهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: يَسْتَأْنِفُ.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ، لِأَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ يَحِلُّ لَهُ بِاللَّيْلِ وَهُوَ يَصُومُ، وَالْجِمَاعُ لَا يَحِلُّ لَهُ عَلَى حَالٍ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمُظَاهِرِ إنْ وَطِئَ لَيْلًا اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ وَلَمْ يَقُلْ لِي فِيهِ عَامِدًا وَلَا نَاسِيًا.

وَرَأْيِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ وَاحِدٌ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ مَنْ جَامَعَ فِي الْحَجِّ نَاسِيًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ؟

قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ حَجَّهُ ذَلِكَ وَيَبْتَدِئَ بِهِ مِنْ قَابِلٍ نَاسِيًا كَانَ أَوْ عَامِدًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَامَ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا ثُمَّ، جَامَعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا يَسْتَأْنِفُ الْكَفَّارَةَ أَمْ لَا؟ قَالَ مَالِكٌ: يَسْتَأْنِفُ الْكَفَّارَةَ وَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الْكَفَّارَةُ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ أَطْعَمَ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ ثُمَّ جَامَعَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَسْتَأْنِفُ وَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِسْكِينٌ وَاحِدٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الطَّعَامَ إذَا أَطْعَمَ عَنْ ظِهَارِهِ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ جَامَعَ امْرَأَتَهُ، لِمَ قَالَ مَالِكٌ هَذَا يَسْتَأْنِفُ الطَّعَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي التَّنْزِيلِ فِي إطْعَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>