للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: نَعَمْ، يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ قِصَرِ النَّفَقَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعْتِقَ مَنْ صَلَّى وَصَامَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَمَعْنَى قَوْلِهِ مَنْ صَلَّى وَصَامَ أَيْ مَنْ قَدْ عَقَلَ الْإِسْلَامَ وَالصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ وَابْتَدَأَنَا بِالْقَوْلِ فَقَالَ: إنَّ رَجُلًا يَخْتَلِفُ إلَيَّ فِي ظِهَارٍ عَلَيْهِ يُرِيد أَنْ يُعْتِقَ صَبِيًّا فَنَهَيْتُهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَخْتَلِفُ إلَى الْأَرْخَصِ لَهُ، فَلَمْ أَرَ مَحْمَلَ قَوْلِهِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ غَنِيًّا فَلِذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ مَالِكٌ وَلِذَلِكَ نَهَاهُ.

قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْأَعْجَمِيِّ يَشْتَرِيهِ فَيُعْتِقُهُ عَنْ ظِهَارِهِ؟

قَالَ: نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ ضِيقِ النَّفَقَةِ فَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ صَلَّى وَصَامَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَعْجَمِيٍّ قَدْ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ ظِهَارِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ فَبَلَغَهُ، فَرَضِيَ بِذَلِكَ أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ ظِهَارِهِ وَمِنْ الْكَفَّارَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ السَّاعَةَ، وَلَكِنَّ مَالِكًا قَالَ لِي إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَقَدْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَمَا ظَاهَرَ مِنْهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ، فَأَعْتَقَ عَنْهُ رَجُلٌ رَقَبَةً عَنْ ظِهَارِهِ: إنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكَفَّارَاتِ إذَا مَاتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْكَفَّارَاتِ فَكَفَّرَ عَنْهُ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ: إنَّهُ مُجْزِئٌ عَنْهُ فَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُ إذَا كَفَّرَ عَنْهُ وَهُوَ حَيٌّ فَرَضِيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ أَيْضًا فِي الَّذِي يُعْتِقُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ النَّاسِ: إنَّ الْوَلَاءَ لِلَّذِي أَعْتَقَ عَنْهُ وَلَيْسَ الْوَلَاءُ لِلَّذِي أَعْتَقَ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يُجْزِئُ وَهُوَ أَحَجُّ وَأَحْسَنُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ غَيْرَ هَذَا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِي أَعْتَقَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إنْ قَالَ: " لَا أُجِيزُ " أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاَلَّذِي يَرُدُّ الْعِتْقَ وَإِنْ قَالَ: " قَدْ أَجَزْتُ " فَإِنَّمَا أَجَازَ شَيْئًا قَدْ فَاتَ فِيهِ الْعِتْقُ؟ أَوَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] فَإِذَا كَفَّرَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُرِيدَ الْعَوْدَ فَقَدْ جُعِلَتْ الْكَفَّارَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ هُوَ لَوْ أَعْتَقَ رَقَبَةً قَبْلَ أَنْ يُرِيدَ الْعَوْدَةَ، ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَةَ لَمْ يُجْزِهِ، وَقَدْ كَانَ كِبَارُ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَقُولُونَ إذَا كَفَّرَ الْمُتَظَاهِرُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِلْجِمَاعِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ثُمَّ يَعُودُونَ} [المجادلة: ٣] ، فَمَعْنَى يَعُودُونَ يُرِيدُونَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارِهِ وَفِي يَدِ الْعَبْدِ مَالٌ؟ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: أُعْتِقُك عَنْ ظِهَارِي أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الْمَالَ الَّذِي عِنْدَك؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ الْمَالُ عِنْدَ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ وَلَمْ يَجْعَلْ السَّيِّدُ الْمَالَ عَلَيْهِ لِلْعِتْقِ دَيْنًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ قَدْ كَانَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَهُ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ أَخْذَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى إلَيْهِ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ فَوَجَدَ رَقَبَةً تُبَاعُ فَأَبَى أَهْلُهَا أَنْ يَبِيعُوهَا إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْعَبْدُ إلَى سَيِّدِهِ مَالًا.

قَالَ: إنْ كَانَ يَنْقُدُهُ الْعَبْدُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبْتَاعَهَا الْوَصِيُّ وَيُعْتِقَهُ عَنْ الَّذِي أَوْصَى إلَيْهِ، فَرَدَّدَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: إنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>