للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَائِعُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَهَلَاكُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَضَعْهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنَّمَا قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاءِ وَحَازَهَا لِنَفْسِهِ، فَالْمُشْتَرِي لَمْ يَسْتَبْرِئْ فَتَحِلُّ لَهُ فَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى رَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ فَلَا يَطَؤُهَا الْبَائِعُ أَيْضًا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا لِنَفْسِهِ احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ دَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَائْتَمَنَهُ الْبَائِعُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِبْرَاءٌ إذَا ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ عِظَمَ حَيْضَتِهَا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَهَا الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْضًا لِنَفْسِهِ فَقَدْ وَصَفْتُ لَكَ ذَلِكَ، وَلَوْ وَضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِلِاسْتِبْرَاءِ مَا كَانَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا اسْتَقَالَهُ وَرَجَعَتْ إلَيْهِ فِيهَا اسْتِبْرَاءٌ، فَإِنْ طَالَ مُكْثُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَوَاضَعَاهَا فِيهِ لِلِاسْتِبْرَاءِ إذَا لَمْ تَحِضْ فَإِذَا كَانَتْ قَدْ حَاضَتْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي جَعَلَاهَا فِيهِ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَخَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ فَقَدْ حَلَّتْ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ اسْتَقَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ هَذَا فَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهَا حَلَّتْ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ الْبَائِعُ وَصَارَتْ عَلَيْهِ الْعُهْدَةُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُوَاضَعَةُ، وَصَارَ الْمُشْتَرِي إنَّمَا هُوَ تَارِكُهَا فِي مَوْضِعِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَقِيلِ بُدٌّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إلَّا أَنْ يَسْتَقِيلَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْجَارِيَةِ، وَالْجَارِيَةُ فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَوْ فِي عِظَمِ دَمِهَا، فَإِذَا فَعَلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ إلَّا أَنْ يَسْتَقِيلَ فِي آخِرِ دَمِهَا فَيَكُونُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَقَالَهُ فِي آخِرِ دَمِهَا؟

قَالَ: فَعَلَى الْبَائِعِ الْمُسْتَقِيلِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ وَلَهُ الْمُوَاضَعَةُ عَلَى الْمُقِيلِ.

قُلْتُ: وَلِمَ وَهِيَ لَمْ تَحِلَّ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دَمِهَا؟

قَالَ: لِأَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنْ أَوَّلِ مَا تَدْخُلُ فِي الدَّمِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ حَلَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ وَأَنْ يَصْنَعَ بِهَا مَا يَصْنَعُ الرَّجُلُ بِجَارِيَتِهِ إذَا حَاضَتْ، وَإِنْ أَقَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الدَّمِ أَوْ فِي عَظْمِهِ رَأَيْتُهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَوْ فِي عَظْمِهِ، فَإِنْ أَقَالَهُ فِي آخِرِ دَمِهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فِي آخِرِ دَمِهَا فَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الْحَيْضَةُ.

قُلْتُ: لِمَ أَمَرْتَ الْبَائِعَ حِينَ اسْتَقَالَهُ فِي آخِرِ دَمِهَا أَنْ يَسْتَبْرِئَ، وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا؟

قَالَ: لِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ تَحْمِلُ فِي آخِرِ الدَّمِ إذَا وُطِئَتْ فِيهِ، فَلَا أَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ الْجَارِيَةُ، وَهِيَ لَوْ اُشْتُرِيَتْ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَمْ تُجْزِ مَنْ اشْتَرَاهَا هَذِهِ الْحَيْضَةُ فَإِنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا مَحْمَلَ الِاشْتِرَاءِ الْحَادِثِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ فِي آخِرِ دَمِهَا: إنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ اسْتِبْرَاءً آخَرَ وَلَهُ الْمُوَاضَعَةُ وَعُهْدَتُهُ قَائِمَةٌ.

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَهِيَ حَائِضٌ هَلْ تُبْرِئُهَا تِلْكَ الْحَيْضَةُ؟ قَالَ يَحْيَى: أَدْرَكْنَا النَّاسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>