للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاعَ حَمْلًا ظَاهِرًا يَعْرِفُهُ النِّسَاءُ وَيَشْهَدْنَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرِدْ وَجْهَ بَرَاءَةِ حَمْلٍ إنْ كَانَ حَقًّا وَلَا مُخَاطَرَةَ وَلَا اسْتِبْرَاءَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، وَيَسْتَبْرِئُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ عَلَى الْحَمْلِ بَيْعًا صَحِيحًا.

قُلْتُ: مَا بَالُ الْحَرَائِرِ يُصَدَّقْنَ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَيُصَدَّقْنَ فِي الْحَيْضِ وَفِي أَنَّهَا أَسْقَطَتْ، وَلَا تُصَدَّقُ الْأَمَةُ فِي الْحَيْضِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا السَّقْطِ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْحَرَائِرَ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِنَّ وَشَأْنُهُنَّ أَنْ يُصَدَّقْنَ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ وَتُؤْخَذَ أَمَانَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ، وَالْأَمَةُ لَا تُصَدَّقُ فِي نَفْسِهَا إذَا ادَّعَتْ الْحَيْضَةَ حَتَّى تَرَى حَيْضَتَهَا وَلِمُشْتَرِيهَا أَنْ يُرِيَهَا النِّسَاءَ فَيَنْظُرْنَ إلَيْهَا إذَا زَعَمَتْ أَنَّهَا حَائِضٌ، لِأَنَّهَا عُهْدَةٌ تَسْقُطُ عَنْ الْبَيْعِ، وَالضَّمَانُ لَازِمٌ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَسْقُطُ بِقَوْلِ الْجَارِيَةِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ الْعِدْلَةِ الَّتِي يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ يُبْرِئُهُ الْمُشْتَرِي مِمَّا لَهُ أُوقِفَتْ، وَلَيْسَ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ أَنْ يُرِيَهَا أَحَدًا، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ ذَلِكَ إلَيْهِنَّ فِيمَا يَذْكُرُ أَهْلُ الْعِلْمِ فَقَالَ: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] وَهُوَ الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

[مُوَاضَعَةُ الْأَمَةِ عَلَى يَدَيْ الْمُشْتَرِي]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ، فَائْتَمَنَنِي الْبَائِعُ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا وَوَضَعَهَا عِنْدِي، أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَرَى الْمُوَاضَعَةَ عَلَى يَدَيْ النِّسَاءِ أَحَبُّ إلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَا هَذَا وَجَهِلَا أَنْ يَضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ النِّسَاءِ حَتَّى تَحِيضَ، رَأَيْتُ ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُمَا وَرَأَيْتُهَا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى تَدْخُلَ فِي أَوَّلِ دَمِهَا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ ائْتَمَنَهُ عَلَى ذَلِكَ وَرَضِيَ بِقَوْلِهِ عَلَى ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُ بِالْجَارِيَةِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَوَاضَعَاهَا لِلِاسْتِبْرَاءِ أَنْ يَضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ امْرَأَةٍ وَلَا يَضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الشَّأْنُ أَنْ يَضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ امْرَأَةٍ، فَإِنْ وَضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ لَهُ أَهْلٌ يَنْظُرْنَ إلَيْهَا وَتُوضَعُ عَلَى يَدَيْهِ لِمَكَانِهِنَّ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي النِّسَاءِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةً حَاضَتْ عِنْدَهُ حَيْضَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَجْزَتْهُ تِلْكَ الْحَيْضَةُ الَّتِي حَاضَتْ عِنْدَهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَتْ لَا تَخْرُجُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ جَارِيَةً، فَقَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَرْضَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى تَسْتَبْرِئَهَا؟

قَالَ مَالِكٌ: غَيْرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ، فَإِنْ فَعَلَا أَجْزَأَهُمَا.

[الْأَمَةِ تَمُوتُ أَوْ تُعْطَبُ فِي الْمُوَاضَعَةِ]

فِي الْأَمَةِ تَمُوتُ أَوْ تُعْطَبُ فِي الْمُوَاضَعَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ فَشَرَطْتُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>