للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الرَّأْسُ الَّذِي اشْتَرَى هُوَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ مِيرَاثِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ إنْ كَلَّمَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، رَجَعَ رَقِيقًا وَإِنْ فَضَلَ عَنْ قِيمَةِ هَذَا الرَّأْسِ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّهُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْمُقَاسَمَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا، فَبَاعَهُمْ ثُمَّ وَرِثَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ كَلَّمَ فُلَانًا حَتَّى وَرِثَهُمْ فَكَلَّمَهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَحْلِفُ أَنْ لَا يُكَلِّمَ رَجُلًا بِعِتْقِ غُلَامٍ لَهُ، ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمِيرَاثِ أَنْ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ يَحْلِفُ فِي الدَّيْنِ لَيْسَ مِثْلَ بَيْعِهِ لِلَّذِي يَتَّهِمُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِهِ هُوَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَيْهِ لِيَخْرُجَ مِنْ يَمِينِهِ.

[حَلَفَ بحرية شِقْص لَهُ أَنْ لَا يَدْخُل الدَّار فَبَاعَ ذَلِكَ الشِّقْص ثُمَّ دَخَل الدَّار]

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ شِقْصٍ لَهُ فِي عَبْدٍ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ فَيَبِيعُ ذَلِكَ الشِّقْصَ وَيَشْتَرِي الشِّقْصَ الْآخَرَ ثُمَّ يَدْخُلُ الدَّارَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفْتُ بِحُرِّيَّةِ شِقْصٍ لِي فِي عَبْدٍ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ، فَاشْتَرَيْتُ الشِّقْصَ الْآخَرَ ثُمَّ دَخَلْتُ الدَّارَ؟

قَالَ: يُعْتَقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ الدَّارَ حَنِثَ فِي الشِّقْصِ الَّذِي حَلَفَ بِهِ، فَإِذَا أَعْتَقَ ذَلِكَ الشِّقْصَ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبِيدِ إذَا كَانَ يَمْلِكُهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهُ فَحَنِثَ فِي شِقْصِهِ ذَلِكَ نَظَرَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَمِيعُ لَهُ أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ بَاعَ شِقْصَهُ مِنْ رَجُلٍ غَيْرِ شَرِيكِهِ وَاشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ الشِّقْصَ الْآخَرَ مِنْ الْعَبِيدِ مِنْ شَرِيكِهِ، فَدَخَلَ الدَّارَ الَّتِي حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ شِقْصِهِ الَّذِي بَاعَ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا؟

قَالَ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَبَاعَ الْعَبْدَ وَاشْتَرَى عَبْدًا غَيْرَهُ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ وَلَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ عَادَ فَاشْتَرَى عَبْدَهُ الَّذِي حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ إنْ دَخَلَ الدَّارَ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ بَعْدَ دَخْلَتِهِ الْأُولَى وَالْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ فِي دُخُولِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ قَالَ: وَإِنَّمَا يَحْنَثُ فِي هَذَا الْعَبْدِ إذَا عَادَ إلَيْهِ فَدَخَلَ الدَّارَ بَعْدَ أَنْ عَادَ إلَيْهِ الْعَبْدُ إذَا كَانَ إنَّمَا عَادَ بِاشْتِرَاءٍ أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ أَوْ بِوَصِيَّةٍ أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ، إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إنْ دَخَلَ الدَّارَ وَالْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَ إنَّمَا عَادَ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ.

قُلْتُ: مَا فَرْقُ بَيْنَ الْوِرَاثَةِ وَبَيْنَ مَا سِوَى ذَلِكَ؟

قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَتَّهِمُ فِي الْوِرَاثَةِ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا بَاعَهُ لِيَرِثَهُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ هُوَ جَرَّهُ إلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ لَتَرَكَهُ وَالْوِرَاثَةُ لَيْسَ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهَا عَنْهُ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَ جَمِيعِ مَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>