للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ قَالَ لِي مَالِكٌ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي الْعِتْقِ أَلَيْسَ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءٌ؟

قَالَ: لَيْسَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي قَالَ مَالِكٌ فِيهِ: إنَّهُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي الْعِتْقِ إنَّمَا ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِي الْعِتْقِ إذَا قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَذَلِكَ الَّذِي يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ اسْتِثْنَاؤُهُ شَيْئًا.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لِنِسَائِهِ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ؟

قَالَ: نَعَمْ، هُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَهُ أَشْهَبُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: غُلَامِي حُرٌّ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ؟

قَالَ: ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ.

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ وَأَنَا عِنْدَهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ أَكَلْتِ مَعِي شَهْرًا إلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ، فَوُضِعَ لَهُ طَعَامٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتَتْ فَقَعَدَتْ مَعَهُ فَوَضَعَتْ يَدَهَا لِتَأْكُلَ فَنَهَاهَا، ثُمَّ قَالَ كُلِي فَمَا تَرَى فِيهِ؟

قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الَّذِي أَرَدْتَ وَهُوَ مُخْرِجٌ يَمِينَكَ وَرَأَيْتَ ذَلِكَ فَلَا أَرَى عَلَيْكِ شَيْئًا.

قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: غُلَامِي حُرٌّ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ؟

قَالَ: ذَلِكَ لَيْسَ فِي الْحُرِّيَّةِ اسْتِثْنَاءٌ وَلَيْسَ جَعْلٌ مِنْ الْمَشِيئَةِ إلَيْهِ أَوْ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْعِبَادِ مِمَّنْ يَشَاءُ أَوْ مِمَّنْ لَا يَشَاءُ مِثْلُ مَشِيئَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتُ أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ، لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ حَتَّى يَشَاءَ أَوْ يَشَاءَ فُلَانٌ، إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ عَلَيْهِ مَكَانَهَا وَعَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ طَلَاقَهَا حِينَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَهَذَا رَأْيِي.

[فِي الرَّجُلِ يَأْمُرُ رَجُلَيْنِ يُعْتِقَانِ عَلَيْهِ عَبْدَهُ فَيُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: اعْتِقَا عَبْدِي هَذَا فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلَيْنِ فَوَّضَ إلَيْهِمَا رَجُلٌ أَمْرَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرَهَا فِي أَيْدِيكُمَا، فَطَلِّقَاهَا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ قَالَ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِمَا وَكَانَا رَسُولَيْنِ فَالطَّلَاقُ لَازِمٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ عِنْدِي إذَا كَانَ عَلَى التَّفْوِيضِ فَهُوَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ وَإِنْ كَانَا رَسُولَيْنِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُعْتِقَاهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ، إنْ جَعَلَ عِتْقَ جَارِيَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنْ كَانَا مِلْكَهُمَا جَمِيعًا فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَا رَسُولَيْنِ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ،.

قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي تَمْلِيكِ الْعِتْقِ إذَا مَلَّكَهَا أَمْرَهَا فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>