للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبِيدَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَهُوَ مَلِيءٌ جَازَ الْعِتْقُ فِيهِمْ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ لِوَلَدِهِ فَأَرَاهُ إذَا مَثَّلَ بِهِمْ عَتَقُوا عَلَيْهِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ لِوَلَدِهِ مِثْلَ مَا قَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ مَلِيًّا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَزَّ رُءُوسَ عَبِيدِهِ وَلِحَاهُمْ أَتَرَاهُ مُثْلَةً يُعْتَقُونَ عَلَيْهِ بِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ مُثْلَةً يُعْتَقُونَ بِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَلَعَ أَسْنَانَ عَبِيدِهِ أَتَرَاهُ مُثْلَةً؟

قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّ زِيَادَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ إذْ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْمَدِينَةِ، أَرْسَلَ إلَيْهِمْ يَسْتَشِيرُهُمْ فِي امْرَأَةٍ سَحَلَتْ أَسْنَانَ جَارِيَةٍ لَهَا بِالْمِبْرَدِ حَتَّى ذَهَبَتْ أَسْنَانُهَا.

قَالَ مَالِكٌ: فَمَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَّا يَوْمَئِذٍ أَنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهَا، فَأَعْتَقَهَا يُرِيدُ مَالِكٌ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ وَمَعْنَى سَحَلَتْ أَسْنَانَهَا بَرَدَتْ فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا أَرَى أَنْ يُعْتَقُوا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَذَابِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا يُصِيبُ بِهِ الْمَرْءُ عَبْدَهُ يَضْرِبُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ فَيَفْقَأُ عَيْنَهُ أَوْ يَكْسِرُ يَدَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْقَطْعِ وَالشَّلَلِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يُعْتَقَ بِهَذَا وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِمَا فَعَلَهُ بِهِ عَمْدًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ خَصَاهُ أَيُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِخَادِمِهَا؟

قَالَ: يُعَاقَبُ وَيَضْمَنُ مَا نَقَصَ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً فَاسِدَةً فَيَضْمَنَهُمْ وَيُعْتَقُونَ عَلَيْهِ.

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «كَانَ لِزِنْبَاعٍ عَبْدٌ يُسَمَّى سَنْدَرًا أَوْ ابْنَ سَنْدَرٍ فَوَجَدَهُ يُقَبِّلُ جَارِيَةً لَهُ فَأَخَذَهُ فَجَبَّهُ وَجَدَّعَ أُذُنَيْهِ وَأَنْفَهُ فَأَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَرْسَلَ إلَى زِنْبَاعٍ فَقَالَ: لَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَمَا كَرِهْتُمْ فَبِيعُوا وَمَا رَضِيتُمْ فَأَمْسِكُوا وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ أَحْرَقَ بِالنَّارِ فَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِي بِهِ فَقَالَ: أُوصِ بِكَ كُلَّ مُسْلِمٍ» .

مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَتْهُ وَلِيدَةٌ قَدْ ضَرَبَهَا سَيِّدُهَا بِالنَّارِ وَأَصَابَهَا بِهِ فَأَعْتَقَهَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ: وَضَرَبَ عُمَرُ سَيِّدَهَا وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ سَيِّدَهَا أَحْمَى لَهَا رَضْفًا فَأَقْعَدَهَا عَلَيْهِ فَاحْتَرَقَ فَرْجُهَا، فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكَ مَا وَجَدْتَ عُقُوبَةً إلَّا أَنْ تُعَذِّبَهَا بِعَذَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَأَعْتَقَهَا وَجَلَدَهُ.

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى وَرَبِيعَةَ أَنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقُ فِي الْمُثْلَةِ الْمَشْهُورَةِ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْمُثْلَةُ كَثِيرَةٌ وَقَالَ رَبِيعَةُ يَقْطَعُ حَاجِبَيْهِ وَيَنْزِعُ أَسْنَانَهُ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ.

قَالَ يَحْيَى: كُلُّ مَا كَانَ مِثْلًا فِي الْإِسْلَامِ عَظِيمٌ يُعَاقَبُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ.

قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: إنَّ زِنْبَاعًا كَانَ يَوْمَئِذٍ كَافِرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>