للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلْتُهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ الْعَبْدُ: بَلْ بَتَتَّ عِتْقِي عَلَى غَيْرِ مَالِ؟

قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ عِنْدِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَفَيَحْلِفُ الْعَبْدُ لِلسَّيِّدِ؟

قَالَ: نَعَمْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ لِلزَّوْجِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ وَيَحْلِفُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ مِائَةُ دِينَارٍ فَيُعْتَقُ وَتَكُونُ الْمِائَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ الزَّوْجَةِ يَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا.

[الرَّجُلِ يُقِرُّ فِي مَرَضِهِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ]

فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ فِي مَرَضِهِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ؟ فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْتَقْت عَبْدِي فِي مَرَضِي هَذَا أَيَجُوزُ هَذَا فِي ثُلُثِهِ؟ قَالَ: كُلُّ مَا أَقَرَّ بِهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ، وَمَا أَقَرَّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ فَهُوَ خِلَافٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ.

قَالَ: فَإِنْ قَامَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ هُوَ صَحِيحٌ، أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى يَمْرَضَ أَوْ يَمُوتَ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ إلَّا الْعِتْقَ وَالْكَفَالَةَ فَإِنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ فَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ عَتَقَ فِي رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ إنَّمَا هِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ أُخِذَتْ الْكَفَالَةُ مِنْ مَالِهِ وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ قَدْ ثَبَتَ فِي مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَشْهَدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ ذَلِكَ؟

قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ مُوسِرًا لَمْ أَرَ أَنْ يُسْتَرَقَّ نَصِيبُهُ وَرَأَيْتُ أَنْ يُعْتِقَهُ؛ لِأَنَّهُ جَحَدَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْهُ.

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ مُعْسِرًا لَمْ أَرَ أَنْ يُعْتِقَ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ تَمَسَّكَ بِنَصِيبِهِ وَكَانَ رَقِيقًا، وَانْظُرْ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَشَهِدَ عَلَى مُوسِرٍ فَنَصِيبُهُ حُرٌّ وَإِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا وَالشَّاهِدُ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الشَّاهِدِ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْءٌ» .

قَالَ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، وَهُوَ أَجْوَدُ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الرُّوَاةِ.

[الرَّجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الرَّجُلِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا]

فِي الرَّجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الرَّجُلِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْعِتْقُ مَاضٍ وَلَا يُرَدُّ الْعَبْدُ فِي الرِّقِّ لِرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ هَلْ يَضْمَنُهَا هَذَانِ الشَّاهِدَانِ وَأَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنْ يَضْمَنَا لِلسَّيِّدِ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ يَقُولُ غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>