للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَكَانَا يَسْعَيَانِ جَمِيعًا فِي جَمِيعِ الْكِتَابَةِ، وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ مِنْهَا شَيْءٌ وَيَبْقَى رَقِيقًا عَلَى حَالِهِ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَا تَجُوزُ عَتَاقَتُهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ دَبَّرَ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَكَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ هَذَا الْمُدَبَّرَ قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الْمُدَبَّرُ قَوِيًّا عَلَى الْأَدَاءِ حِينَ مَاتَ السَّيِّدُ قَالَ: فَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ بِذَلِكَ، فَإِنْ رَضِيَ أَصْحَابُهُ بِذَلِكَ كَانَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ يَمُوتُ السَّيِّدُ الْمُدَبَّرُ زَمِنًا وَقَدْ كَانَ صَحِيحًا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ، وَلَا يَكُونُ لِلَّذِينَ مَعَهُ هَهُنَا فِي الْكِتَابَةِ قَوْلٌ وَلَا يُوضَعُ عَنْهُمْ حِصَّةُ هَذَا الْمُدَبَّرِ مِنْ الْكِتَابَةِ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: فِي الزَّمِنِ يَكُونُ مَعَ الْقَوْمِ فِي الْكِتَابَةِ فَيُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ: إنَّهُ لَا يُوضَعُ عَنْهُمْ لِذَلِكَ شَيْءٌ، وَكُلُّ مَنْ أُعْتِقَ مِمَّنْ لَا قُوَّةَ لَهُ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ زَمِنٍ فَإِنَّهُ عَتِيقٌ إنْ شَاءُوا وَإِنْ أَبَوْا، وَلَا يُوضَعُ عَنْهُمْ مِنْ الْكِتَابَةِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَكُلُّ مَنْ أُعْتِقَ مِمَّنْ لَهُ قُوَّةٌ فَلَا عِتْقَ لَهُ إلَّا بِرِضَاهُمْ، فَذَلِكَ الَّذِي يُوضَعُ عَنْهُمْ قَدْرُ مَا يُصِيبَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيَسْعَوْنَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبِينَ كِتَابَةً وَاحِدَةً إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ ثُمَّ عَجَزُوا أَتَرَى أَنْ يَعْتِقَ عَلَى السَّيِّدِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَرَى أَنْ يُعْتَقَ إذَا عَجَزَ وَرَجَعَ إلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يُجِيزُوا الْعِتْقَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ أَفَادَ مَالًا فَأَدَّى إلَى الْغُرَمَاءِ عَتَقَ عَلَيْهِ عَبْدُهُ ذَلِكَ بِالْعِتْقِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَ، فَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إذَا عَجَزَ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْعِتْقِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَ؛ لِأَنَّ عِتْقَ السَّيِّدِ إنَّمَا كَانَ بَطَلَ خَوْفًا أَنْ يَعْجَزَ صَاحِبُهُ، فَلَمَّا عَجَزَ ذَهَبَ الَّذِي كُنَّا لِمَكَانِهِ لَا نُجِيزُ الْعِتْقَ، فَلَمَّا ذَهَبَ ذَلِكَ أَجَزْنَا الْعِتْقَ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يُعْتِقُ عَبْدَهُ وَهُوَ فِي الْإِجَارَةِ أَوْ فِي الْخِدْمَةِ لَمْ يُتِمَّهَا، فَلَا يُجِيزُ الْمُؤَاجَرَ وَلَا الْمُخْدَمَ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا، فَإِذَا تَمَّتْ الْخِدْمَةُ أَوْ الْإِجَارَةُ عَتَقَ بِالْعِتْقِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَ.

ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ فِي الْكِتَابَةِ فَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُقَاطِعَ دُونَ بَعْضٍ وَإِنْ أَذِنُوا، وَلَيْسَ لِقَوْمٍ اجْتَمَعُوا فِي الْكِتَابَةِ أَنْ يَقُولُوا: قَاطَعَ بَعْضُنَا دُونَ بَعْضٍ وَقُوَّتُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ مَعُونَةٌ لَهُمْ فِي عَتَاقَةِ جَمِيعِهِمْ، وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ كَانَتْ الْقُوَّةُ وَالْغِنَى عِنْدَ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ يُرَقُّونَ جَمِيعًا وَيُعْتَقُونَ جَمِيعًا وَيَكُونُ مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ قُوَّةٍ أَوْ غِنًى لَهُمْ جَمِيعًا، فَإِنْ قَاطَعَ بَعْضُهُمْ فَهُوَ رَدٌّ وَلَوْ أَنَّ سَيِّدَهُمْ أَعْتَقَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ بَقِيَ لَهُ مَعُونَتُهُ وَتَقْوِيَتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>