للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى السَّعْيِ لَيْسُوا بِصِغَارٍ وَلَا زَمْنَى، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَسْعَى عَنْهُمْ فَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ عِتْقُ السَّيِّدِ هَذَا الَّذِي أَعْتَقَ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ، وَإِنَّ هَذَا الَّذِي أَعْتَقَ السَّيِّدُ نِصْفَهُ لَيْسَ فِيهِ مُؤَامَرَةُ أَحَدٍ، وَلَيْسَ يَجُوزُ عِتْقُ السَّيِّدِ نِصْفَهُ إلَّا أَنْ يُعْتِقَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبُ بَقِيَّةَ الْكِتَابَةِ فَيُعْتَقُ، وَهَذَا الَّذِي أَعْتَقَ السَّيِّدُ نِصْفَهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُ السَّيِّدِ فِيهِ عَلَى حَالٍ إلَّا بَعْدَ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهَا وَضِيعَةٌ وَلَوْ كَانَ عِتْقًا لَعَتَقَ عَلَى السَّيِّدِ مَا بَقِيَ مِنْهُ حِينَ أَعْتَقَهُ، وَاَلَّذِي مَعَ غَيْرِهِ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ يَجُوزُ عِتْقُ السَّيِّدِ فِيهِ إذَا رَضِيَ أَصْحَابُهُ بِذَلِكَ؛ أَوَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ زَمِنًا جَازَ عِتْقُ السَّيِّدِ فِيهِ؟ وَكَذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَسْعَى مِثْلُهُ فَإِنَّ عِتْقَهُ جَائِزٌ؟ أَوَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا وَحْدَهُ فَأَزْمَنَ فَأَعْتَقَ السَّيِّدُ نِصْفَهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ النِّصْفُ الْبَاقِي عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا بِأَدَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سَأَلْتُ عَنْهُمَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ الرَّجُلُ نِصْفَ مُكَاتَبَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالَ: لَا يُعْتَقُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَإِنَّمَا الْعِتْقُ هَهُنَا وَضْعُ مَالٍ عِنْدَ مَالِكٍ، فَيَنْظُرُ إلَى مَا عَتَقَ مِنْهَا فَيُوضَعُ عَنْهَا مِنْ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ ثُمَّ تَسْعَى فِيمَا بَقِيَ، فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ وَإِنْ عَجَزَتْ رُقَّتْ كُلُّهَا.

ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْمُكَاتَبِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَتْرُكُ أَحَدُهُمَا لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي عَلَيْهِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ مَالًا، فَقَالَ: يُعْطِي صَاحِبُ الْكِتَابَةِ الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ لَهُ شَيْئًا مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الْمَالَ كَهَيْئَتِهِ، لَوْ مَاتَ عَبْدًا؛ لِأَنَّ الَّذِي صَنَعَ لَيْسَ بِعَتَاقَةٍ، إنَّمَا تَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ مُكَاتَبًا وَتَرَكَ بَنِينَ رِجَالًا وَنِسَاءً ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُ الْبَنِينَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ لَهُ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْئًا، وَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً لَثَبَتَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أُعْتِقَ مِنْهُمْ مِنْ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ؛ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُمْ إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُكَاتَبِ، فَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً لَقُوِّمَ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَقَ فِي مَالِهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ عَقَدَ الْكِتَابَةَ وَإِنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ وَرِثَ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ وَلَاءِ الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ وَإِنْ أَعْتَقْنَ نَصِيبَهُنَّ كُلُّهُنَّ، إنَّمَا وَلَاؤُهُ لِذُكُورِ وَلَدِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَوْ عَصَبَتِهِ مِنْ الرِّجَالِ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فِي رَجُلٍ كَاتَبَ مَمْلُوكَهُ ثُمَّ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ بَنِينَ رِجَالًا وَنِسَاءً فَيُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ إلَيْهِمْ كِتَابَتَهُ قَالَا: الْوَلَاءُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ شِهَابٍ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَعَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: إذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ لَا تَرِثُ الِابْنَةُ مِنْهُ شَيْئًا إنَّمَا هُوَ لِعَصَبَةِ أَبِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>