للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِضَاهُ مَا لَزِمَ سَيِّدُهُ مُكَاتَبَتَهُ بِكِتَابَةِ مِثْلِهِ وَلَا بِقَلِيلٍ وَلَا بِكَثِيرٍ، فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ أَنْ يُكَاتِبَ مَا بَقِيَ بَعْدَمَا كَاتَبَ إلَّا بِالرِّضَا كَمَا كَانَ يُدِينُ الْكِتَابَةَ، وَأَنَّهُ لَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ لَمْ يَكُنْ عِتْقًا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَسْتَحْدِثْ لَهُ عِتْقًا إنَّمَا عَقَدَ كِتَابَةً ثُمَّ كَانَ الْأَدَاءُ يَصِيرُ بِهِ إلَى الْعِتْقِ، فَهُوَ لَمْ يُعْتَقْ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى شَيْئًا، فَلِذَلِكَ إذَا أَدَّى كَانَ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِهَذَا الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ كَانَ ضَعِيفًا لَيْسَ بِعَقْدٍ.

[الْمُكَاتَبُ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ أَوْ يُعْتِقُهُ عَلَى مَالٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبَ رَجُلٌ عَبْدًا لَهُ فَكَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا لَهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَالْأَدَاءِ، فَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ الْأَعْلَى قَالَ: يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ الْأَسْفَلُ إلَى السَّيِّدِ الْأَعْلَى، فَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ الْأَعْلَى بَعْدَمَا عَجَزَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَدَّى هَذَا الْمُكَاتَبُ الْأَسْفَلُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ عَجَزَ صَارَ رَقِيقًا وَصَارَ مَالُهُ لِلسَّيِّدِ فَمَا كَانَ لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ فَهُوَ مَالٌ لِلسَّيِّدِ؛ وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الْأَعْلَى فَوَلَاءُ الْمُكَاتَبِ الْأَسْفَلِ إذَا أَدَّى وَعَتَقَ لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ عَلَى حَالٍ أَبَدًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُكَاتِبًا قَالَ لِعَبْدٍ لَهُ: إذَا جِئْتَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يَصْنَعَ فِي هَذَا مَا يَصْنَعُ فِي الْكِتَابَةِ وَيَجُوزُ فِي هَذَا مَا يَجُوزُ فِي الْكِتَابَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَطَلَبِ الْمَالِ لِزِيَادَةِ الْمَالِ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَيُنْظَرُ وَيُتَلَوَّمُ لِلْعَبْدِ كَمَا كَانَ يُتَلَوَّمُ فِي الْحُرِّ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِعَبْدِهِ، وَلَا تُنَجَّمُ كَمَا تُنَجَّمُ الْكِتَابَةُ إذَا كَانَ قَوْلُ الْمُكَاتِبِ لِعَبْدِهِ: إنْ جِئْتَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ.

[الْمِدْيَان يُكَاتِبُ عَبْدَهُ]

فِي الْمِدْيَانِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ أَنَّ عَبْدًا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ، وَقَدْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً قَبْلَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ قَامُوا عَلَيْهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: أَنَا أُؤَدِّي الدَّيْنَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ تَرُدُّونَنِي بِهِ مِنْ دَيْنِ سَيِّدِي أَوْ مِنْ عَقْلِ جِنَايَتِي وَأَكُونُ عَلَى كِتَابَتِي كَمَا أَنَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَاتَبَ رَجُلٌ أَمَتَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَةَ الْأَمَةِ فَوَلَدَتْ فِي كِتَابَتِهَا وَلَدًا ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ تُفْسَخُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ رَقِيقًا وَوَلَدُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَةِ الْكِتَابَةِ إذَا بِيعَتْ بِالنَّقْدِ وَفَاءٌ لِلدَّيْنِ فَلَا تُغَيَّرُ الْكِتَابَةُ وَتُبَاعُ الْكِتَابَةُ فِي الدَّيْنِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَفْلَسَ سَيِّدُ الْعَبْدِ بِدَيْنٍ رَهِقَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ بِيعَتْ الْكِتَابَةُ لِلْغُرَمَاءِ فَيُعَاضُوا حُقُوقَهُمْ إنْ أَحَبُّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>