للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألا اصبحاني يوم الشعانين ... من قهوة عتقت بكركين

عند أُناس قلبي بهم كلفٌ ... وإن تولوا ديناً سوى ديني

ولعبد الله في مصابيح، وكان قال هذا الشعر وغنى فيه وهي حاضرة، فأخذته عنه، وغنت فيه أيضاً متيم الهشامية.

إني عشقت عدوةً ... فسقى الاله عدوتي

وفديتها بأقاربي ... وبأسرتي وبجيرتي

جدلت كجدل الخيزرا ... ن وثنيّت فتثنّت

واستيقنت أن الفؤا ... د يحبها فأدلّت

قال: وغاضب مصابيح عبد الله بن العباس في شيء بلغها عنه. فرام أن يترضاها، فأبت. فكتب إليها رقعة، يحلف فيها أنه ما أتى شيئاً مما أنكرته، ويدعو على من ظلم. فلم تجبه عن شيء مما كتبه، ووقعت تحت الدعاء: على الظالم. آمين ولم تزد على ذلك. فكتب إليها:

أما سروري بالجوا ... ب فليس يفنى ما بقينا

وأسرُّ حرف فيه لي ... آمين ربّ العالمينا

ومن شعره:

ذهبٌ في ذهب را ... ح به غصن لجين

فأتت قرة عين ... بيدي قرّة عين

قمر يحمل شمساً ... مرحباً بالنّييرين

الفا سكرين الفي ... ن معاً مؤتلفين

لا جرى بيني ولا بي ... نهما طائر بين

بل غنينا ما بقينا ... أبداً معتنقين

في صبوح وغبوق ... لم نبع نقداً بدين

[دير مرجرجس]

هذا الدير بالمزرفة. وهو أحد الديارات والمواضع المقصودة. والمتنزهون من أهل بغداد يخرجون إليه دائماً في السميريات، لقربه وطيبه. وهو على شاطىء دجلة. والعروب بين يديه، والبساتين محدقة به، والحانات مجاورة له. وكل ما يحتاج إليه المتنزهون فحاضر فيه.

والمزرفة، من أحسن البلاد عمارة، وأطيبها بقعة، وبها من البساتين ما ليس ببلد من البلدان.

ولأبي جفنة القرشي فيه، وكان من الخلعاء ومدمني الشرب والمتطرحين في الديارات والحانات. ولم يكن يخلو من غلمان مرد، بعضهم يخدمه، وبعضهم يغنيه:

ترنم الطير بعد عجمته ... وانحسر البرد في أزمّته

وأقبل الورد والبهار إلى ... زمان قصف يمشي برمته

ما أطيب الوصل إن نجوت فما ... يلسعني هجره بحمّته

ومثل لون النجيع صافية ... تذهب بالمرء فوق همته

نازعتها من سداؤه أبداً ... في العشق والفسق مثل لحمته

في دير مرجرجس وقد نفح ال ... فجر علينا أرواح زهرته

أريد منه وليس يمنعني ... من ذلك الشيء غير حشمته

وفي بميعاده وزورته ... وكنت أوفى له بذمته

ومن مليح شعره:

ومعرّس طلب الصبوح وإنني ... لفتىً يوافقني الصبوح بكورا

وقرعت صافيةً بماء سحابة ... فنتجن حين قرعتهن سرورا

فشربت ثم سقيته فكأنما ... سبسبت فوق لهاته كافورا

وفتىً يدير عليك في طرباته ... خمراً تولّد في العظام فتورا

وإذا رشفت شفتيك رضابها ... كتب العقار بحسن وجهك نورا

ما زلت أشربها وأسقي صاحبي ... حتى رأيت لسانه مكسورا

مما تخيّرت التجار ببابل ... أو ما تعتّقه اليهود بسورا

وله:

ومزورّ وجهٍ لم ير الناس مثله ... أدرت عليه الكأس لما تغضّبا

يؤاخذني إن رمت في الخد قبلة ... ويعرض عني كلما قلت: مرحبا

ولولا الذي يرتجّ تحت إزاره ... لألسعته مني، إذ صد، عقربا

أدرت عليه قهوة بابليةً ... تريك حميّاها على الكاس كوكبا

إذا شجّها الساقي بماء تدرّعت ... على المزج سربالاً من الدرّ مذهبا

وللنميري، فيه:

نزلت بمرماجرجس خير منزل ... ذكرت به أيّام لهو مضين لي

تكنّفنا فيه السرور وحفنا ... فمن أسفل يأتي السرور ومن عل

<<  <   >  >>