للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْمُؤَلّفَة والأجزاء المركبة وَقد بَينا فِيمَا قبل أَن الْقَدِيم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَصح أَن يكون جسما وَلَا ذَا أَجزَاء وَآلَة وجارحة واستحال أَن يكون المُرَاد بِهِ إِشَارَة إِلَى الْعُضْو والجارحة وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك تَحْقِيق السّمع وَالْبَصَر وَأَن الله تَعَالَى يرى المرئيات بِرُؤْيَتِهِ وَيسمع المسموعات بسمعه

فَأَشَارَ إِلَى الْأذن وَالْعين تَحْقِيقا للسمع وَالْبَصَر لأجل أَنَّهُمَا مَحل السّمع وَالْبَصَر وَقد يُسمى مَحل الشَّيْء بإسمه لما بَينهمَا من الْمُجَاورَة والقرب وَهَذَا كَمَا قَالَ عز وَجل {لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا وَلَهُم أعين لَا يبصرون بهَا وَلَهُم آذان لَا يسمعُونَ بهَا}

وَالْمرَاد بذلك مَا فِي الْقُلُوب من الْعُلُوم والعقول لما لم يستعملوها فِي التَّوَصُّل إِلَى الْحق وَلم يعملوا فكرهم ونظرهم فِي تَعْرِيف الْحق وَكَذَلِكَ مَا لم يستعملوا الْحق وَلم يسمعوه سمع قبُول صَارُوا كَأَنَّهُمْ لَا أسماع لَهُم

وَكَذَلِكَ وَصفهم فِي آيَة أُخْرَى بِأَنَّهُم {صم بكم عمي} لما تعاموا عَن قبُول الْحق وتصاموا عَن فهمه وسماعه

وَإِذا كَانَ الْأذن وَالْعين مَحل السّمع وَالْبَصَر فِينَا أَرَادَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحْقِيق الْوَصْف بِالْإِشَارَةِ عز وَجل بِالسَّمْعِ وَالْبَصَر وَالْإِشَارَة إِلَى الْمحل وَالْمرَاد مَا فِيهِ من السّمع وَالْبَصَر لَا نفس الْمحل

وَمثل هَذَا فِي الْكَلَام قَول الْقَائِل قبض فلَان على مَال فلَان فَقبض يَد

<<  <   >  >>