للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{نتربص بِهِ ريب الْمنون} أَي ريب الدَّهْر وحوادثه

وَكَانَت الْعَرَب تَقول لَا أَلْقَاك آخر الْمنون أَي آخر الدَّهْر

وَقد أخبر سُبْحَانَهُ عَن أهل الْجَاهِلِيَّة بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ من نِسْبَة أقدار الله وأفعاله إِلَى الدَّهْر فَقَالَ

وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حياتنا نموت ونحيا وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر

فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبوا الدَّهْر

أَي إِذا أَصَابَتْكُم المصائب لَا تنسبوها إِلَيْهِ فَإِن الله هُوَ الَّذِي أَصَابَكُم بهَا لَا الدَّهْر وَإِنَّكُمْ إِذا سببتم الدَّهْر وفاعل ذَلِك لَيْسَ هُوَ الدَّهْر وَقع السب على فَاعل ذَلِك وَهُوَ الله تَعَالَى أَلا ترى أَن الرجل مِنْهُم إِذا أَصَابَته جَائِحَة من مَال أَو ولد أَو بدن سبّ فَاعل ذَلِك وتوهمه الدَّهْر فَكَانَ المسبوب هُوَ الله جلّ ذكره

ومثاله فِي الْكَلَام أَن يكون رجلا يُسمى زيدا وَله عبد يُسمى بكر فَأمر بكرا أَن يقتل رجلا فَقتله فسب النَّاس بكرا فَقَالَ لَهُم قَائِل لَا تسبوا بكرا فَإِن زيدا هُوَ بكر يُرِيد أَن زيدا هُوَ الْقَائِل لِأَن الَّذِي أمره كَأَنَّهُ هُوَ الْقَاتِل كَذَلِك

<<  <   >  >>